يبدو أن قدرنا العيش في أيام شديدة التوتر يتخللها أزمات متعاقبة، حللها البعض بأنها مفتعلة، فيما عقب عليها آخرون أكثر تعقلا بأنها ردود فعل متوقعة في ظل حكومة تعمل وفق منهج وأسلوب التفاعل اليومي مع الأحداث وتفتقر بشدة للتخطيط المسبق والمنهج العملي الواضح في تسيير الدولة وشؤون الأفراد، إلا أن القاسم المشترك بين الأزمات التي نعيشها في الكويت كونها لا تخلو من الإشارة لرئيس الوزراء والفريق الحكومي كأسباب أدت لخلق البيئة المناسبة لإشعال فتيل الحراك الشعبي واللجوء للشارع بالرغم من بدء الأمر بمجاميع صغيرة متفرقة.
فقد شكك الكثير من الشخصيات العامة في نوايا المطالبين برحيل نهج الحكومة ورئيسها كما اجزموا بأن أصحاب تلك المطالبات لديهم أهداف مستقبلية تشكل خطرا على الدولة وكأنهم قاسموا الخالق بصفة علم الغيب والعياذ بالله وهذا ما زاد المجتمع فرقة وتنافرا، فنحن ما نزال غير قادرين على اجادة اللغة الديموقراطية التي تحث على عدم فساد الود متى اختلفت الآراء.
بالأمس لجأت حركات وطنية شبابية للشارع واستعرضوا مطالبهم بأسلوب راق فعاودوا الكرة متسلحين بمعرفة ورقي حوار عن اليوم الذي سبق، فهوجموا وشك في وطنيتهم وولاءاتهم، لكن الغريب في الأمر أن نفس الأشخاص الذين انتقصوا من الشباب واستكثروا عليهم التعبير او التغيير واتهموهم بتهم ما انزل الله بها من سلطان انتصروا للوافدين والبدون حين تظاهروا، يالها من ازدواجية معايير!
وها هم البدون بعد أن خنعت الحكومة لهم من أول تظاهرة وقدموا الوعود بحل القضية يتظاهرون مرة أخرى، لماذا؟ مما لاشك فيه أن الحكومة ستخنع وترضخ للمطالب لأنها حكومة ردة فعل وصلاحية قراراتها لا تتجاوز الأيام الخمسة كصلاحية الحليب الطازج لنكتشف بعدها أن تناولها مضر وخطر، هل في تقديم الحكومة للتنازلات هذة المرة ضمانة بعدم تظاهرهم مرات اخرى عديدة وسنوات مديدة؟ ما هي الضمانات بعدم مطالبة من يحمل أي وثيقة أو هوية كويتية مؤقتة بالتجنيس مستقبلا؟ هل سيخرج مجموعة من البدون في السنوات القادمة ليطالبوا بتجنيس من يحمل إحصاء 73 تفاؤلا بعبور قناة السويس، أو إحصاء 77 تيمنا بأفضل موديلات سيارة الجي تي وهلم جرا!
لماذا لا نجد أن حكومتنا تستطيع تقديم حلول جذرية فيها عدالة لتضمن اقتلاع المشاكل من اعماق الأرض فلا يرهبنا هاجس عودتها؟ ما رأي الحكومة أو لجنة السيد الفضالة بمنح البدون مهلة 3 أو 4 سنوات للحصول على أي جنسية من أي دولة في العالم ليعامل كأي وافد مقيم بشكل شرعي بالاضافة الى بعض المميزات مثل اقامة دائمة أو طويلة الأجل، 20 سنة مثلا حتى يتمتع باستخدام المرافق العامة في الدولة مثل الصحة وغيرها، وبهذا تتجنب الحرج الدولي ومن الممكن تسخير العلاقات الكويتية الديبلوماسية المتميزة مع دول اكتشفها رئيس الوزراء خلال احدى جولاته! أم ترى لهم مطالب أكبر وأكثر لكنها غير معلنة!
[email protected]