صدر قبل أيام قرار لجنة التحقيق في محكمة الوزراء فيما يخص البلاغ المقدم ضد وزير الداخلية بخصوص اللوحات الإعلانية، حيث كان قرار اللجنة حفظ التحقيق لعدم جدية البلاغ، وعلينا أن ندقق في قرار الحفظ هذا وهو يتعلق بعدم جدية البلاغ وليس الواقعة وهي إهدار خمسة ملايين من المال العام ذهبت بغير وجه حق لمن لا يستحقها.
إن القصور في البلاغ المقدم وعدم تضمنه لأدلة قطعية أو قرائن قوية لا يعني أن الواقعة غير موجودة أو أن ما حصل صحيح، فالقاضي أو المحقق يصدر قراره بناء على ما بين يديه من أوراق وأدلة لا يستطيع تجاوزها، وهذا لا يعني بالضرورة عدم وجود الجريمة ولكنه قصور في إثباتها، فمثلا كثيرا ما يُبرأ تجار المخدرات وغيرهم بسبب خطأ في إجراءات الضبط، وهذا لا يعني أن المجرم بريء وشريف لأن رجل القانون هنا محكوم بإجراءات معينة لا يمكن أن يتجاوزها حتى ولو كانت القناعة الشخصية خلاف ذلك.
إن مسؤولية وزير الداخلية في اعتقادي مازالت قائمة عن تلك الملايين الخمسة التي ذهبت الى من لا يستحقها، ولا يعني عدم توافر العدد الكافي لطرح الثقة في مجلس ذي طابع حكومي ضعيف أن الموضوع انتهى لأننا على يقين بأن هناك خطأ فادحا حصل ولم يحاسب أحد عليه، ويبقى في نهاية الأمر أن نذكر وزير الداخلية وأي مسؤول بأنه قد يمكن للإنسان أن ينجو من المسؤولية السياسية أو الجنائية لاعتبارات مختلفة ولكنه لا يمكن أن يهرب من المسؤولية الإلهية حيث سيحاسبنا ربنا على كل شيء ولا يخفى على الله شيء سبحانه ونذكرهم بقوله تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون) وقوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).
فلا يظن أي مسؤول استطاع بقوته وحيلته الهروب من المسؤولية أمام العباد، أنه يستطيع أن يخفى على رب العباد.
[email protected]