إن واقعة حبس ضابطين في الداخلية كانت بسبب تطبيقهما القانون وذلك بضبطهما رجلا وامرأة في وضع مخل بشكل علني وفقا للقانون بنص المادة 198 من قانون الجزاء التي تجرّم الفعل الفاضح العلني في مكان عام وتعاقب عليه بالحبس لمدة سنة، كما أن الضابطين قد التزما بالقانون الذي أوجب على الشرطي القبض على المتهمين بدون أمر في الجنح المشهودة كما نصت عليه المادة 56 من قانون الإجراءات بل إن المادتين 59 و60 من قانون الإجراءات قد أوجبتا لزوما على الشرطة عند القبض على متهم في حال الجرم المشهود تسجيل الواقعة وإبلاغ المحقق وتسليمه له.
إذن ما قام به الضابطان عند القبض على المتهمين في حال الجرم المشهود بالفعل الفاضح العلني وتسليمهما بكتاب إحالة للمحقق لهو تطبيق صحيح للقانون كما ذكرنا. ولكن الغريب أن يعاقبا لأنهما طبقا القانون بل والأشد من ذلك هو صدور بيان من وزارة الداخلية يخالف الحقيقة ويفتقد المصداقية وللأسف حيث أشار البيان إلى أن حبس الضابطين كان بسبب تركهما لمكان العمل بينما الوثائق المنشورة بالصحف دلت على خلاف ذلك وانه تم محاكمتهما وحبسهما لعدم تنفيذ أوامر الرؤساء وهي عدم الاتصال بمدير الأمن وأخذ الأمر منه بالإحالة مع انهما اتصلا برئيس المخفر وأمرهما بإحالة الواقعة إلى التحقيق.
إن أبعاد هذه الواقعة كثيرة ولعل ابرزها هو ادخال الاحباط والانهزامية لدى رجال الشرطة إذا ما أرادوا تطبيق القانون وكأن لسان حالهم يقول لنترك الحبل على الغارب وليفعل المجرمون ما يشاءون مادام الشرطي يُعاقب والمجرم يُترك ولا يُحاسب. كذلك أعطت هذه الواقعة الأمان لكل مفسد ومتجاوز للقانون بأنه حتى وإن ضُبط وقُبض عليه بالجرم المشهود فإنه باتصال واحد ينتهي كل شيء كما قالت تلك المتهمة سليطة اللسان للشرطة وهددتهم وأهانتهم، وفي النهاية هي التي كسبت الجولة وللأسف، والبركة في ذلك المسؤول الأمني الذي يحمي مثل هذه الأشكال.
إن مثل هذه الواقعة تجعلنا نسلط الضوء على انتشار ظاهرة الفعل الفاضح العلني في الأماكن العامة خاصة خروج البنات مع الشباب في السيارات ووقوفهم في أماكن معزولة مثل مواقف سيارات المدارس أو خلف الجمعيات التعاونية أو الأماكن المظلمة وممارسة الرذيلة والأفعال المشينة على مرأى ومسمع من وزارة الداخلية التي وللأسف لا تحرك ساكنا وكيف يتصرف رجل الأمن في مثل هذه الحالات مادامت الرسالة التي يريد ان يوصلها المسؤولون في الوزارة ان من يقوم بمنع هذه المنكرات ويريد تطبيق القانون سيكون مصيره مصير هذين الضابطين وللأسف.
إن ممارسة الرذيلة في العلن والطرق والأماكن العامة لهي منكر عظيم وقد نبأ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واعتبره من علامات الساعة حيث جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم من يقول لو واريتها خلف هذا الحائط» رواه أبويعلى.
كل الشكر للإخوة أعضاء مجلس الأمة على إثارة هذا الموضوع وطلب تشكيل لجنة تحقيق التي أرجو أن تشكل بعيدا عن أعضاء الحكومة وأن تحدد مدة شهر على الأكثر لإنجاز هذا التقرير وألا تكون على غرار لجان التحقيق الأخرى التي تستغرق سنوات في إعداد تقاريرها، وفي النهاية يكون التقرير لصالح الحكومة للأسف.
إن الرسالة التي أوجهها لوزير الداخلية هي ان أقول له ليس العيب الوقوع في الخطأ ولكن كل العيب هو الدفاع عن الباطل والإصرار عليه ولعل معالي الوزير في هذه الواقعة على المحك في إنصاف من طبق القانون ومحاسبة من يحمي المفسدين والمجرمين.. الأيام بيننا.. ولنر ما يحدث!
[email protected]