الكل يتساءل عن الاسباب والدوافع التي تجعل الحكومة تقوم بتصرفات واجراءات لا معنى لها وغير منطقية، وهي على سبيل العبث والاستهتار كما حدث في محاصرة الندوات وتطويق الدواوين المخالف للقانون والدستور، فقد كانت تصريحات مسؤولي الحكومة والداخلية انها ستمنع فقط التجمعات التي تكون خارج اسوار الديوانيات ثم هي وبسرعة تنقض وتلحس تصريحاتها وتسمح قبل يومين لتجمع ساحة الارادة بالانعقاد، اذن لماذا كل هذه القوات والدوريات لمحاصرة ندوات لا يتجاوز الحضور في بعضها عدد اصابع اليد؟!
انني لا اجد تفسيرا لذلك سوى ان الحكومة تستعرض قوتها وسيطرتها على زمام الامور وتمكنها من الاغلبية داخل مجلس الامة والتي اعطتها الامان والسلامة من اي مساءلة وللاسف.
ان المنهج الجديد الذي تتبعه الحكومة هو تكسير الاقلية النيابية المعارضة وتحديهم في كل مطالباتهم وان كانت مشروعة، واقرب مثال موضوع اطالة الدوام المدرسي واصرار «التربية» على قرارها وعدم اكتراثها بمطالبات جمعية المعلمين والنواب، وكذلك تخاذل الحكومة وتقصيرها في معالجة ارتفاع الاسعار وفضيحتها الصارخة في عدم تطبيق قانون تنظيم المنافسة الصادر منذ ثلاث سنوات، وكذلك امتناع الحكومة عن تنفيذ العديد من القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء والتي من شأنها المساهمة في معالجة الغلاء والتضخم، اضافة الى صمت وزارة الداخلية ووزيرها وعدم التعليق على ادانة لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الامة لوزير الداخلية برفع الابعاد الاداري عن ايرانيين متورطين في تهريب المخدرات وانتحال صفة طبيب.
هل تعلمون لماذا لا تهتم الحكومة بذلك؟ لانها تعلم ان لديها اغلبية برلمانية عمياء مسلوبة الارادة ستقف معها ومع الوزير للتصويت ضد هذا التقرير وكل تقرير لا يعجبها او تكون فيه ادانة لاحد افراد الحكومة او المحسوبين عليها.
ان علتنا في هؤلاء النواب الذين سلموا الخيط والمخيط للحكومة بل اصبحوا ادوات تحركهم الحكومة كيف ومتى شاءت، وما ادل على ذلك من دعوات تنقيح الدستور التي تخرج لنا كلما وقعت الحكومة في مأزق وأرادت صرف الانظار عن قصورها وتجاوزاتها.
ان الايام المقبلة ستكون مريرة ولا شك في التعسف الحكومي بجميع اشكاله سواء كان في تعيينات القياديين او التنفيع في مناقصات، التنمية او تمرير القرارات الارتجالية غير المدروسة وتهميش وتقزيم دور مجلس الامة والذي اضحى، وللاسف، اداة طيعة بيد الحكومة تشكلها كيف تشاء.
[email protected]