ما حصل في جلسة مجلس الامة يوم أمس وأول من أمس لا يمكن السكوت عنه ولا نستطيع ان نصف ما قامت به الحكومة من تعمدها عدم حضور وزرائها، الا واحدا، والتحرك على الاعضاء المحسوبين عليها ومنعهم من الحضور لعدم اكتمال النصاب وعدم انعقاد جلسة مجلس الامة حتى تمر المدة القانونية لطلب رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم ويعتبر عدم رد المجلس خلال شهر بمنزلة الموافقة على رفع الحصانة، كما جاء في اللائحة الداخلية، ما هذا كله الا عبث واستخفاف حكومي بمجلس خانع يضم نوابا ما هم الا دمى بيد الحكومة تحركهم كيفما شاءت، ان الرسالة التي تريد ان توجهها الحكومة للجميع انها تستطيع ان تفعل ما تشاء حتى في اوضح القضايا وحتى في مخالفة الدستور وهي تستطيع ان تضرب بالدستور عرض الحائط وتضعه تحت الاقدام لا في الجيب كما تزعم.
ان على القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وعامة الشعب الكويتي والكتاب والاعلاميين وجميع الشرفاء ومن تهمه مصلحة البلد ان يهبوا لحماية الدستور وصيانة الميثاق المبرم بين الحاكم والمحكوم والذي تريد الحكومة مع اذنابها من النواب طمس معالمه وجعله قصة تحكى للاطفال، لا ان يكون ميثاقا وعهدا يحتكم اليه.
ان على النواب الشرفاء عدم الاعتراف بطلب الحكومة، وكان من الاولى عدم طرحه على المجلس والتصويت عليه لأنه يصطدم بصريح الدستور، وبالتالي المجلس غير مخول بالتصويت عليه، وأُذكّر معالي رئيس مجلس الامة بطلب سابق للنيابة لرفع الحصانة عن احد النواب في حادثة المتعدي على الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة كيف تصرفت يا معالي الرئيس ورفضت عرض هذا الطلب على المجلس لعدم دستوريته، فلماذا لا يتم التعامل مع هذا الطلب بالاسلوب ذاته وبالميزان نفسه؟
لقد قلت وكتبت في مقالات سابقة ان الحكومة ستستعرض قوتها في هذا المجلس وتفعل ما تشاء حتى في تجاوز الدستور والقفز على ابسط مبادئه.
انني استغرب من هؤلاء النواب الدمى كيف يقبلون على انفسهم اطلاق التصريحات بانهم ضد رفع الحصانة ثم يتعمدون الغياب عن الجلسة دون عذر حتى ترفع الحصانة عن النائب، بالله عليكم هل هذه مصلحة البلد؟ هل هذا يبّر بالقسم الذي اقسمتموه ان تؤدوا اعمالكم بالامانة والصدق؟ ان يتم تعطيل مصالح البلاد والعباد بعدم انعقاد جلسات المجلس لمدة شهر كامل من اجل انتقام شخصي من احد زملائكم النواب تريد ان تجعله الحكومة عبرة لمن يفكر في معارضتها او كشف تجاوزاتها؟ هل هذه هي التنمية التي تنشدها الحكومة ام هو التخريب والفساد ونقض العهود؟ ان علينا جميعا ان نقف صفا واحدا ضد النفاق السياسي لنواب الامة والعبث الحكومي المتعمد في الدستور، والا سنقول عظم الله اجركم في الديموقراطية ومجلس الامة والدستور، والى مزيد من الانحدار والرجوع الى الوراء، فماذا نحن فاعلون؟
[email protected]