تتزايد الاصوات المنادية باصدار مرسوم ضرورة بتعديل نظام التصويت ليكون للناخب صوت واحد بدلا من اربعة، ولما كان من الاهمية بمكان تسليط الضوء على هذا التوجه الباطل والذي سيقودنا بلا شك الى مزيد من التأزيم والاحتقان وعدم الاستقرار، نظرا لان هذا المطلب بالاصل مخالف ومصادم لصريح الدستور حيث ان المادة 71 من الدستور وضعت شروطا وضوابط لاصدار مراسيم ضرورة ولم تجعلها مطلقة وتقديرية وأهم شرط نص عليه الدستور هو ان يوجد حدث طارئ يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وهذا بلا شك غير متحقق مما يمنع اصدار مرسوم ضرورة لعدم انطباق حالة الضرورة عليه، كذلك ان اصدار مرسوم ضرورة بتعديل نظام التصويت سيجعل المجلس المقبل معرضا للطعن والابطال، اذ ان هذه المراسيم غير محصنة على عكس نظام التصويت الحالي الذي حصن بحكم المحكمة الدستورية وهو ما يمنع من الطعن فيه مستقبلا، كما ان مرسوم ضرورة بهذا الشأن فيه مخالفة اخرى دستورية حيث نصت المادة 71 من الدستور على ان هذه المراسيم تعرض على المجلس للموافقة عليها او رفضها وهذا عمليا متعذر وغير ممكن، اذ لا يعقل ولا يتصور ان يرفض المجلس مرسوم قانون هو سبب وجوده وبقائه وكيف يتصور ان النواب سيصوتون على قانون برفضه يبطل عضويتهم؟!
ناهيك عن مخالفة هذا المرسوم ذي الصوت الواحد لابسط قواعد الديموقراطية التي تجعل الحكم للغالبية، فهذا التوجه يجعل الغالبية ممثلة بأقلية والعكس الاقلية تمثل بغالبية وبحسبة بسيطة فلو صوت الناخبون لاحد المرشحين وحصل هذا المرشح على 50% من الاصوات فهذا يعني بالضرورة ان تسعة مرشحين سيتنافسون على الـ 50% الاخرى اي نصف الناخبين يمثلون بنائب واحد والنصف الآخر يمثل بتسعة نواب فهل يعقل هذا وأي عدالة ومساواة هذه؟! ام انها فقط النزعة الانتقامية التي يسعى اليها البعض ضد الغالبية لضمان عدم عودتهم ولو كان ذلك على حساب الدستور والقانون والعقل والمنطق والثوابت الديموقراطية التي يتغنون بها؟!
كما لا يخفى على احد ان اقرار نظام الصوت الواحد سيرجع جميع سلبيات العملية الانتخابية وبقوة مثل ظاهرة شراء الاصوات، ونقل الاصوات كذلك سيكرس وبقوة الطائفية والقبلية والفئوية والمناطقية وغيرها، اذ ان النجاح سيكون بأصوات قليلة وهو ما يدفع الناخبين الى مزيد من التقوقع والتشرذم وعدم الانفتاح، كذلك يجعل طرح النواب مستقبلا مقتصرا على ارضاء هذه الفئة القليلة وليس طرحا عاما وطنيا ينشد فيه المرشح القاعدة العامة للناخبين، لانه في ظل هذا النظام ليس بحاجة لهم ولعل اكبر عبث في هذا النظام هو الاستهتار وعدم الامتثال والاعتراف بحكم المحكمة الدستورية، فكيف لا تطبق الحكومة قانونا ذهبت بمفردها للتأكد من سلامته الدستورية وعندما يتحقق لها ما تريد تنصرف لغيره؟! هل يوجد عبث واستخفاف اكثر من ذلك؟! ان اي تعديل على نظام التصويت الحالي المحصن دستوريا سيدفع البلد الى مزيد من التأزيم والاحتقان وستزداد مظاهر الاعتراض والخروج للشارع وستقاطع المعارضة هذه الانتخابات وسندخل في نفق مظلم الله اعلم اين سينتهي بنا.
[email protected]