القرارات الأخيرة التي اتخذها مجلس الوزراء فيما يخص زيادة القرض الإسكاني وبدل الإيجار لا تخلو من دوافعها السياسية البحتة التي تتسابق الحكومة في إصدارها لشراء رضا الشعب الكويتي بعد الاستياء العام الذي يشعر به الناس من أداء الحكومة وكذلك المعارضة الشعبية الكبيرة لمرسوم الصوت الواحد، فراحت الحكومة تتخبط في اتخاذ القرارات الارتجالية المتسرعة وفتح خزائن الدولة لكسب الرضا السياسي وكذلك كمحاولة يائسة من الحكومة لدفع الناس للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
ان قيام الحكومة باتخاذ قرارات فيها تدمير لمؤسسات الدولة من أجل شراء ود المواطن هو امر غير مقبول ويرفضه حتى المواطن نفسه ولقد ملأت الحكومة الدنيا صراخا وتصريحات عند طلب أي زيادة للمواطنين باقتراحات نيابية سابقة بحجة العجز المتوقع وعدم إمكانية الاستمرار في سياسة الصرف غير المنضبط، ولكن يبدو ان هذه الشعارات البراقة تتهاوى عندما تكون الحكومة في مأزق سياسي كحالها الآن، فزيادة القرض الإسكاني عليها مأخذان مهمان، الأول ولعله المهم هو إضافة زيادة ربوية على القرض تقدر بـ 2%، ولعل كبيرة الربا التي تريد الحكومة ان تقترفها وتدخل المواطنين فيها هي الأخطر لقول الله تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات)، ولقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «لعن الله آكل الربا وموكله»، ثانيا تصريحات مسؤولين حكوميين بأن هذه الزيادة مدمرة وكلفتها رهيبة، فهذا وزير الإسكان السابق محمد النومس يقول في تصريح سابق له: «لن نوافق على منح الرجل 100 ألف دينار قرضا إسكانيا لأن الكلفة رهيبة».
كذلك تصريح مدير بنك التسليف صلاح المضف الذي كان قاطعا وحاسما، حيث قال: «إن هذه الزيادة في حال موافقة البنك عليها ستؤدي الى تضخم الأسعار في سوق العقار ومن ثم تذهب الزيادات في جيوب التجار ولن يستفيد منها المواطن، فضلا عن انها ستؤدي الى عجز مالي للبنك».
إذن الزيادة ستسبب ضررا على المواطن وعلى الدولة بشهادة مسؤولي الدولة، فأي تخبط وأي عبث يا حكومة في تلك القرارات؟!
لقد أعجبتني فقرة في أحد بيانات مجموعة الـ 26، حيث نصت الفقرة على الآتي: «حكومة لا تتسابق مع دعاة الاستنزاف من أجل مكاسب سياسية وآنية، حكومة تضع تحقيق خطة التنمية هدفا لها ولا تتخذ من القرارات ما ينسف هذه الخطة ويسير عكس اتجاهها»، مجموعة الـ 26 بيان صادر بتاريخ 20/11/2011، هذا رأي مجموعة الـ 26 قبل سنة، فما بالها صامتة الآن ولا تحرك ساكنا؟!
لقد حاولت الحكومة في وقت سابق وعلى فترات قصيرة متلاحقة شراء رضا الناس ولعل آخرها السنة الماضية في منحة ألف دينار لكل مواطن مع التموين المجاني، ولكن هذا لم يمنع الشعب الكويتي من الخروج الحاشد في ساحة الإرادة بعد بضعة أشهر مطالبا بإقالة الحكومة وحل المجلس الذين أقروا هذه المنحة والزيادة، ان أفضل وسيلة لكسب رضا الناس يا حكومة هي التماس رضا الله وتطبيق شرعه والابتعاد عن المعاصي والكبائر ومخالفة شرع الله في جميع أمور الدولة وخاصة المالية منها.
لقد بات مستحقا الآن على الحكومة ان تنظر الى الصالح العام ومصلحة الوطن، وعدم التسابق للقرارات الشعبية المكلفة وغير المجدية لشراء رضا الناس، لقد كان حريا بالحكومة ان تساهم في دعم مواد البناء ووضع قوانين تساهم في تخفيض كلفة الأراضي أنفع وأفضل بكثير من زيادة تؤدي الى التضخم وتسبب الضرر للمواطن، وعلى الحكومة اذا ما أرادت المصالحة مع الشعب الكويتي ان تلتزم برضا الله، وكذلك ان تلتزم بالعهد الذي بينها وبين الشعب وهو الدستور وعدم الانقلاب عليه، كما هو في مرسوم الضرورة، والتوجه الى تطبيق خطة التنمية التي تناسوها وراحوا يصدرون قرارات تخالفها.
لقد أثبت الشعب الكويتي انه شعب حي وواع لا يشترى بالمال مقابل مبادئه وحقوقه الدستورية المكفولة، فهل تعي الحكومة ذلك؟!
[email protected]