بقلم: عبداللطيف العميري
لعل الأزمة السياسية التي تعيشها الكويت منذ شهور هي بسبب مرسوم الصوت الواحد الذي أحدث شرخا عميقا في المجتمع الكويتي وسبب فتنة عظيمة وأدخل البلد في نفق مظلم، الله أعلم أين سينتهي بنا.
ولعل صدور قرار من المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا المرسوم أحد أفضل وأسرع الحلول لهذه الأزمة وهو ما أشار إليه سمو الأمير بقوله «إنني أقبل بحكم الدستورية في هذا المرسوم».
إذن حل الأزمة مرهون بما سيسفر عنه قرار المحكمة الدستورية، ولكن أعضاء مجلس الصوت الواحد لا يقبلون بهذا القرار ولا يريدون للقضاء أن يفصل في هذه القضية القانونية الدستورية، وذلك عند ذهابهم بتقديم مقترحات بقانون بالصوت الواحد والسعي لإقرارها قبل صدور قرار المحكمة الدستورية فإذا صدر القرار بدستورية المرسوم فلن يضرهم شيء، أما إذا صدر القرار بعدم دستورية المرسوم فهم في هذه الحالة يعتمدون على القاعدة التي أسسها قرار الدستورية في بطلان مجلس 2012 الذي أقر القوانين الصادرة عنه، وهذا يعني أنه في حال إبطال هذا المجلس ستكون القوانين التي أصدرها نافذة ومنها قانون الصوت الواحد الذي سيقره هذا المجلس، ولعل في هذا المسلك التشريعي الكثير من العبث والتحايل على القضاء، بل التدخل الصارخ فيه بمخالفة المادة 50 من الدستور التي نصت على أن يقوم نظام الحكم على فصل السلطات، فكيف تكون هناك واقعة معروضة على القضاء ثم يأتي مجلس الأمة مستغلا سلطته التشريعية ويشرع قانونا قد يلغي الحكم في هذه الواقعة؟! ومثال على ذلك لو افترضنا جدلا قيام الاغلبية في مجلس 2012 بإصدار تشريع يجيز دخول المجلس للتعبير عن الرأي ولا يعتبر ذلك اقتحاما وبالتالي سيغل يد القضاء عن الإدانة كذلك يكون قد قام بالتشريع للمصلحة الخاصة لا المصلحة العامة، وهذا ولا شك فيه مخالفة لأبجديات العدالة ومبادئ الدستور والتقاضي المستقرة، ولعل المادة 119 من الدستور هي التي منعت أعضاء مجلس الأمة أن يعدلوا في قانون المكافآت الخاصة بهم ويكون تطبيق هذا القانون في الفصل التشريعي التالي، وذلك حتى يمنع أعضاء مجلس الامة من تسخير التشريعات لمصالحهم الشخصية، وهذا ما سيفعله نواب مجلس «بوصوت» في إصدار قانون بالصوت الواحد للالتفاف والتحايل على أي قرار محتمل للمحكمة الدستورية بإبطال مرسوم الصوت الواحد.
إن على الحكومة أن تكون على مستوى المسؤولية بعدم موافقتها على مثل هذا التحايل وعليها رد القانون في حال أقره أعضاء مجلس «بوصوت» لمصالح شخصية، كما أن الحكومة مطالبة باحترام رغبة سمو الأمير الذي أكد أنه سيمتثل لحكم الدستورية، ولعل من مبادئ الامتثال لهذه المحكمة انتظار ما سيصدر عنها من قرارات وعدم الالتفاف والتحاليل عليها، وإلا فسنفقد ثقتنا في دولة القانون والمؤسسات، لتكون دولة «البلطجة» و«الكروتة» التشريعية بمباركة حكومية.
[email protected]