يعتبر التحكيم التجاري السوي بمثابة القضاء الخاص الذي يتمتع بخصوصية معينة تميزه عن قواعد وأصول المحاكمات العادية في كل بلد، كما يعتبر «المحكم» بمثابة قاض خاص تعهد للخصوم بتنفيذ مهمة تحكيمية تكون محلا للنزاع فيما بينهم خلال فترة زمنية معينة لقاء أتعاب تحدد بموجب اتفاقية التحكيم، سواء كانت بندا تحكيميا أو عقدا مستقلا بذاته عن الاتفاق المبرم فيما بينهم، «اذا كان في عقد مستقل أفضل لأنه اذا تم إبطال العقد الأصلي عقد التحكيم لا يبطل»، ان التحكيم في العصر الحديث ليس بظاهرة مستقلة وجديدة بجذورها عن الماضي إنما هي التطبيق لفكرة التحكيم في المجتمعات القديمة وامتداد للتحكيم التجاري الدولي في العصور الوسطى، فهذا التحكيم شكل بدائي لإقامة العدالة وقد اعتبر التحكيم مرحلة راقية وصلت اليها الجماعات البشرية بعد ان كان الحق هو قوي والقوة هي حقي، لم تستأثر الدولة بمباشرة الوظيفة القضائية إنما أجازت للأفراد إخراج بعض المنازعات من ولاية السلطة القضائية في الدولة وإسناد النظر فيها والفصل بمحكم أو محكمين يختاران لهذا الغرض، فالتحكيم هو اسلوب يقرره القانون للأفراد يستطيعون بمقتضاه الاتفاق على إحالة المنازعات الحالية والمستقبلية التي يمكن ان تنشأ بينها على فرد أو أفراد يطلق عليهم تسمية المحكمين دون السلطة القضائية المختصة أصلا في ذلك، كما لا بد على هذه السلطة في التحكيم الدولي إعطاء قرارات التحكيم الدولي التجاري، لقد اتسم مفهوم التحكيم التجاري الدولي بطريقة لحل النزاعات في البداية بالبساطة، ذلك ان المفهوم قد ظهر في المؤسسات القانونية البدائية ثم استمر بعد إنشاء القضاء من طرف الدولة بسبب إرادة أطراف النزاعات تفادي الشكليات والإجراءات التي يتسم بها القضاء، وتكريس حق اللجوء الى التحكيم لا يعني بأي حال من الأحوال الاستخفاف بالمؤسسة القضائية وتجاهل دورها الفعال في تكريس العدالة وإنما يندرج في سياق البحث عن طريقة لفض النزاعات بشكل أفضل، كما يكفل التحكيم الاقتصاد في النفقات والخبرة الفنية في المنازعات محل التحكيم، اذ يتيح للخصم انتقاء المحكمين ممن لديهم الخبرة الكافية والتكوين المهني بدلا من عرضه على القضاء الذي قد يلجأ الى الاستعانة بأهل الخبرة في مسائل التجارة الفنية، وبذلك يتفادى طول الإجراءات ويؤدي الى اختصار السبل لحل النزاع، هناك من يعتقد ان التحكيم ما هو الا بديل لتسوية المنازعات ومنطقنا في ذلك بسيط للغاية وهو ان للتحكيم شكلا بديلا للمتقاضي، ولا يمكنك ان تستخدم كلا من التحكيم والتقاضي في حل نزاع، وعلاوة على ذلك فإن حكم التحكيم في كثير من الحالات يصدر وينفذ دون مساندة من المحكمة.
ان اللجوء الى التحكيم في ظل النزاعات التي تنشأ عن تنفيذ العقود المدنية والتجارية والإدارية، أو عن تفسيرها بات من الأساليب الحديثة التي تعتمد بصدد التوصل الى فض النزاعات العالقة بين الفرقاء بالطرق الاختيارية، بحيث تتوافر السرعة اللازمة والدقة المطلوبة بعيدا عن التعقيدات أو العراقيل الإدارية والتنظيمية التي يمكن ان تواجههم اذا ما أثيرت هذه النزاعات امام المراجع القضائية المختصة.
1 ـ يؤدي الى تبسيط إجراءات الفصل في النزاع المعروض للتحرر من الشكليات.
2 ـ يكفل التحكيم الاقتصاد في النفقات والخبرة الفنية في المنازعات.
3 ـ يوفر السرية في جلسات التحكيم خاصة بالنسبة أو المتعاملين الذين يعتمدون على الثقة والسمعة في منشآتهم التجارية عكس القضاء الذي يعتمد على علنية كضمان للعدالة.
4 ـ أكثر يسرا في احكام القضاء من حيث الاعتراف والتنفيذ.
5 ـ يوفر التحكيم الحياد اللازم لعدم الخضوع لأي سلطة أو جهة رسمية.
6 ـ لا يثير مشكلة تنازع الاختصاص القضائي.
٭ في المقالة القادمة سنتكلم عن شرط التحكيم أو مشارطه.
٭ المستشار عبدالمحسن محمد المشاري محكم تجاري دولي هذا هو لقبي بعد تخرجي في الدورة.
المصدر: دورة التحكيم التجاري د.عبدالسلام حسين العنزي.
[email protected]
almeshariq8@