المماليك هم سلالة من الجنود حكمت مصر والشام والعراق وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف القرن وبالتحديد من 1250م إلى 1517م، تعود أصولهم إلى آسيا الوسطى، يرجع ظهور المماليك في العالم الإسلامي إلى ما قبل دولتهم في مصر والشام بأمد بعيد، إذ استخدمهم الخلفاء العباسيون الأوائل واعتمدوا عليهم في توطيد دولتهم واستعانوا بهم في الجيش والإدارة.
ولعل الخليفة المأمون العباسي هو أول من استعان بهم، ثم استكثر منهم الخليفة المعتصم، وشكل فرقا عسكرية من الأتراك وكان يعنى بشرائهم صغارا ويستجلبهم في سمرقند وفرغانة والسند وغيرها من أقاليم ما وراء النهر، حتى بلغ عددهم 15 ألفا، فلما ضاقت بهم بغداد وزاحموا الناس في الطرقات نقلهم المعتصم معه الى سامراء عاصمته الجديدة التي بناها لتكون حاضرة لملكه.
ولم يلبث ان شاع استخدام المماليك في كثير من أجزاء العالم الإسلامي، وكانت مصر ممن انتهجت هذا النهج، فأكثر أحمد بن طولون الذي تولى حكم مصر سنة 254هـ/ 868م من شراء المماليك الديالمة سكان بحر قزوين حتى بلغ عددهم أكثر من 24 ألفا والتزم الاخشيديون سنة أسلافهم الطولونيين في جلب المماليك الأتراك والاستعانة بهم في الجيش، وفي الهند قامت لهم دولة قبل أن تقوم في مصر بعد ان نجح قطب الدين أيبك في إنشاء دولة عرفت باسم دولة «الملوك المماليك» وظلت دولتهم قائمة مدة 84 عاما، بدأت عقب سقوط الدولة الغورية سنة 602هـ/689م، الصالح أيوب 638/647هـ - 1240/1249م منذ ان تولى حكم مصر قام بالإكثار من شراء المماليك الأتراك بعد ان ساندوه في توطيد سلطانه حتى صار معظم جيشه منهم وبنى لهم قلعة خاصة بجزيرة الروضة في وسط النيل وأسكنهم بها، وجعلها مقرا لحكمه، وعرف هؤلاء المماليك الجدد باسم المماليك البحرية الصالحية، وقد برز هؤلاء المماليك البحرية وتعاظم شأنهم في خضم أحداث الحملة الصليبية السابعة التي منيت بهزيمة بالغة وانتهت بأسر الملك لويس التاسع قائد الحملة في المنصورة وتبدد قواته بين القتل والأسر.
توفي الصالح أيوب في أثناء المعركة وخلفه ابنه توران شاه في حكم مصر لكنه لم يحسن معاملة المماليك البحرية الذين لهم الفضل الأكبر في تحقيق النصر، يضاف الى ذلك سوء تدبيره وفساد سياسته بابعاده كبار رجال دولته من الأمراء وأهل الحل والعقد وتقريبه رجاله وحاشيته واغداقه عليهم بالأموال وجد المماليك أنفسهم أمام وضع جديد لم يعهدوه من قبل، فقد أصبحوا أصحاب الكلمة النافذة والتأثير البالغ، ولم يعودوا أداة في أيدي من يستخدمهم لمصلحته وتحقيق هدفه وعليهم ان يختاروا من بينهم سلطانا جديدا للبلاد فاتفقت كلمتهم على اختيار أرملة أستاذهم شجرة الدر سلطانة للبلاد في سابقة لم تحدث في التاريخ الإسلامي إلا نادرا وبايعوها بالسلطنة في 2 من صفر 648هـ - 5 مايو 1250م.
غير ان الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر شجرة الدر في الحكم، ورفضت الخلافة العباسية في بغداد ان تقر صنيع المماليك فكتب الخليفة اليهم «ان كانت الرجال قد عدمت عندكم فاعلمونا حتى نسير إليكم رجالا» ولم تجد شجرة الدر بدا من ان تتنازل عن الحكم للأمير عز الدين أيبك.
أسس المماليك في مصر دولتين متعاقبتين كانت عاصمتهما هي القاهرة الأولى دولة المماليك البحرية ومن أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل الذي استعاد عكا وآخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام، ثم تلتها مباشرة دولة المماليك البرجية بانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمور واستعاد ما احتله التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد فبدأت دولة المماليك البرجية الذين عرف في عهدهم أقصى اتساع لدولة المماليك في القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي وكان من ابرز سلاطينهم برقوق وابنه فرج واينال والاشرف سيف الدين برسباي فاتح قبرص وقنصوه الغوري وطومان باي.
أسطر قرأتها وكتبتها لكم باختصار.
[email protected]
almeshariq8@