«ما الطريقة والسلوك الذي يتبعه كل فرد للدفاع عن النفس؟» كان ذلك محور حلقة برنامج «نقطة حوار» الذي يبث عبر اثير اذاعة بي بي سي، وللاسف لم يسعفني الوقت للاستماع الى البرنامج كاملا في سيارتي حيث وصلت للمكان الذي اقصده، الا ان المحور ظل راسخا معي ويلازمني طوال الوقت وحتى كتابتي لهذه السطور ووجدتني أسأل نفسي بالفعل: ما الطريقة التي يتبعها كل فرد منا للدفاع عن نفسه ومن اين اكتسبها؟
لاصطحبكم معي الى نقطة البداية واستخلص لكم وجهة نظري حول هذا المحور وتحليلي هو على سبيل المثال: يأتي الطفل الى ابيه شاكيا له أنه تعرض لضرب من احد زملائه في المدرسة فيأتي جواب ابيه سريعا لينهي المسألة ببساطة كما يعتقد «اضربه كما ضربك والا ما تعرف تدافع عن نفسك، دوس ببطنه»، تحت بند الدفاع عن النفس حق مشروع، يكبر هذا الطفل حاملا ثقافة الدفاع النفسي وفق ردة الفعل.
اذن فإن ما يحدث الآن من ثقافة خاطئة عن مفهوم الدفاع عن النفس ما هو الا نتيجة محصول ثقافي رسخته البيئة المحيطة، وكما قال احد الحكماء «الانسان ابن بيئته»، والبيئة قد تغذي الانسان بمفاهيم خاطئة تبقى ملازمة له طوال سنوات عمره وتتشكل معه وتأخذ حيزا آخر بحيث تربطه بقوة الشخصية والهيبة، ولم لا؟! طالما هناك وسائل كثيرة حولنا تنمي هذه المفاهيم واولاها الاسرة، لنأتي الى خطوة اخرى وهي عندما ينخرط هذا الشاب بالمجتمع الذي يعيش فيه حاملا بعقله مفاهيم اسرية خاطئة فكيف سيكون نهجه واسلوبه الحياتي في التعامل وهو يعتقد ان الهيبة والقوة ودفاعه عن نفسه ترتبط بشيء واحد يدعى العنف سواء اللفظي او قوة استخدام الجسد.
اعتقد، وهي وجهة نظر، ان ما يحدث في هذه المعمورة ككل ما هو الا نتيجة محصول فكري وقع علينا من محيط البيئة التي مدت فكرنا وغذته بمفاهيم الخطأ لا الصواب ولكم فيما يحدث من حولنا العبرة.