لقد مرت بي الأفكار بذكرى رحيلك يا فهد مع ذكرى الاحتلال العراقي للكويت.. إنني ما زلت أذكر يوم الهروب الكبير للجيش العراقي من الكويت في بداية التحرير كنت صغيرا مع شقيقك براك حينما خرجتما مع أفراد الشعب الكويتي إلى الشوارع فرحا بانسحاب جيش صدام الذي كان يوصف بالجيش الذي لا يقهر واندهشت أكثر عندما شاهدتكما أنتما وأصدقاءكما من صغار المنطقة وأنتم ترتدون بدل الجيش العراقي وتحملون الرشاشات التي تركها الجيش العراقي في المنزل الذي اتخذوه مقرا لهم في قرطبة.. وعندما سألت يا فهد ويا براك شني هذه الملابس ومنين جبتوها؟.. أجبتني: العراقيون انحاشوا وتركوا أغراضهم.. هكذا كنتم تعيشون تلك الأحداث المريرة يا فهد ومعك شقيقك براك.. كذلك تذكرت أخاك أحمد الذي كان يجمع أصدقاءه من عمره ليتباروا مع أفراد من الجيش العراقي الذي كان يرابط في قرطبة وعندما سألته.. تلعبون مع من؟ أجابني مع العراقيين وكانوا يلعبون بفريق الكويت.. وكان أفراد الجيش العراقي من الشباب الصغار وكان واضحا أنهم لا يدركون تواجدهم في الكويت..
لقد مرت تلك الذكريات كفيلم سينمائي.. كنت أتابع تلك الأحداث في تلك الأيام..
واليوم ونحن نستذكر تلك الأيام الحزينة على وطننا الكويت، لا أدري كيف تدافعت تلك الهواجس والإفكار التي عادت بي الذكرى برحيل الحبيب فهد الذي ما زالت ذكراه تعيش في القلب وتهيمن على النفس مازال الناس وأهالي قرطبة يذكرونك وهم يرددون محاسن الخلق التي كنت تتميز بها، لقد كنت مثالا للشباب المؤمن بربه، حفظت القرآن الكريم في صغرك وكنت تصلي بالناس وخاصة في شهر رمضان حيث كنت تصلي التراويح.. وتساهم في الأعمال الخيرية مع الدكتور وليد العلي الذي كنت تعتز به كثيرا وتحرص على مرافقته في جولاته الإيمانية في البلاد الأفريقية.. وكنت تقدم الدروس الإيمانية لطلبة المعهد الديني في قرطبة خارج الدوام المدرسي.. لقد كنت حريصا على عدم الخوض في المواضيع غير الدينية، ولا تشارك في المناقشات السياسية الحادة، بل تحب أن تتجنب مثل هذه المشاركات.. لذلك أحبك الناس لسمو خلقك وعدم الخوض في قضايا لا علاقة لها بالقضايا الإسلامية.. وفي يوم الوداع شارك الكويتيون في توديعك ورفيق دربك الدكتور النزيه وليد العلي.. كان تشييعكما بمنزلة مظاهرة إيمانية شارك فيها أصدقاؤكم من كل الأقطار حيث توافد من السعودية ودول الخليج الأصدقاء ليشاركوا في توديعكم وفي الكويت شارك في تعزيتكم صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء وكل المسؤولين في الدولة رجال الحكومة وأعضاء مجلس الأمة يتقدمهم رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم، وفي مصر أقام الشيخ محمد حسان حفل تأبين لك ولرفيقك د.وليد العلي..
لا شك أن رحيلكما ترك أثرا كبيرا في النفس وذكرى عطرة.. وستبقى محفوظة في القلب، ولا يسعنا إلا أن نبتهل إلى المولى القدير أن يرحمك ورفيق دربك الدكتور وليد العلي وأن يتغمدكما بواسع رحمته وأن يسكنكما فسيح جناته.
و(إنا لله وإنا إليه راجعون).