نظمت الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وغرفة تجارة وصناعة الكويت ندوة تقييم الاتحاد الجمركي التي عقدت صباح يوم الأربعاء 26 مايو الماضي وشارك فيها ممثلو العديد من الجهات المعنية وممثلو القطاع الخاص بدول المجلس.
واللافت للنظر في هذه الندوة أن الصعوبات التي تواجه الاتحاد الجمركي جاء طرحها من ممثلي القطاع العام وخاصة المسؤولين في الجمارك. ولابد هنا من تسجيل الموقف الشجاع والمشرف الذي أكده مدير عام الجمارك إبراهيم عبدالله الغانم في الكويت الشقيقة على أن الاتحاد الجمركي الخليجي لم يكن العامل المساعد في زيادة التبادل التجاري بين دول المجلس، بل أن التطورات الراهنة ورغبة الإنسان الخليجي في التعاون مع أخيه أدت إلى زيادة هذا التبادل، مشيرا كذلك إلى عدم تمثيل شريك العمل وهو القطاع الخاص في مناقشة الأنظمة والقوانين المتعلقة بالجمارك.
ولعل ما طرحه رئيس مكتب التدقيق العام والحفظ بالإدارات العامة للجمارك في الكويت ورئيس لجنة الاتحاد الجمركي الخليجي حسام سليمان الصهيل جاء ليؤكد ما ذهب إليه الأمين العام للاتحاد ورئيس لجنة النقل البري بالأمانة العامة للاتحاد عبدالرحمن العطيشان من أن هناك العديد من المشاكل والصعوبات الناتجة عن ضعف التعاون بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص في تذليل المعوقات المتعلقة بالاتحاد الجمركي.
لقد كشفت الندوة بما لا يدعو إلى الشك جوانب القصور في الاتحاد الجمركي الخليجي، والتي لا تتماشى مع تطلعات قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذين يعملون على تنفيذ كل ما من شأنه تسهيل تنقل المواطنين والسلع بين دول مجلس التعاون.
وان جاز لنا في هذه الوقفة السريعة أن نعرض لأهم المعوقات التي تواجه الاتحاد الجمركي، فإننا نقول: أنها تتلخص في مشكلة توزيع إيرادات الجمارك بين الدول الأعضاء. إلا أن هذا المعوق يجب ألا يقف حجر عثرة في سبيل إتمام التكامل والاتفاق على أسس التعريفة الموحدة.
ولعل أفضل الحلول المطروحة التي يمكن اللجوء إليها في هذا الشأن، هو تسليم كل دولة ما يتحصل لها من إيرادات مع إيداع نسبة معينة من مجموعها في صندوق يخصص لإعانة الدولة التي تعاني نقصا في إيراداتها الجمركية بسبب انضمامها للتكامل أو أن يتم تحويله إلى موازنة الأمانة العامة لمجلس التعاون لتمويل الأنشطة التابعة لها مع الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا الخصوص.
وفي أحسن الأحوال، فإن الإيرادات الجمركية في دول مجلس التعاون الخليجي تساهم بنسبة لا تتجاوز الـ 10% من مجموع الإيرادات الحكومية. لذلك، يجب ألا يقف هذا الموضوع حجر عثرة بوجه الاتحاد الجمركي.
كما أنني أرى أهمية الإسراع بتوحيد جميع التشريعات واللوائح والإجراءات المنظمة للتجارة سواء الجمركية منها وغير الجمركية بين دول المجلس، كذلك ضرورة الإسراع في توحيد قوانين المواصفات والمقاييس لتقليص العوائق الفنية والاعتراف المتبادل بالمواصفات داخل دول المجلس من أجل زيادة التبادل السلعي بين دول المجلس.
كما أنني أقترح إنشاء هيئة جمركية عليا لدول مجلس التعاون تشرف على الأداء الجمركي مكونة من ممثلين عن الأجهزة الرسمية المعنية والقطاع الخاص، مع تشكيل لجنة فنية لمتابعة إزالة المعوقات بين دول المجلس، بحيث تخول بالصلاحيات اللازمة لمعالجة هذه المعوقات بصورة مباشرة بالتنسيق مع الأجهزة المعنية.
كما يجب على دول المجلس سرعة الانتهاء من مشروع الربط الآلي الجمركي بين إدارات الجمارك بدول مجلس التعاون، وتوضيح الإجراءات الواجب اتباعها من قبل المصانع التابعة للمناطق الحرة من أجل تسهيل التبادل السلعي داخل دول المجلس، وزيادة توعية القطاع الخاص بالإجراءات المتبعة في المنافذ البينية، وفي هذا السياق نرى وجوب توعية المنتجين والمصدرين بجميع الإجراءات والمستندات المطلوبة لتصدير المنتجات إلى باقي دول المجلس أولا بأول عن طريق ورش العمل.
كما يهمنا أن نشير في هذه المقالة إلى ما طرحه رئيس لجنة النقل البري الخليجية عبدالرحمن العطيشان من مقترحات نرى من المهم العمل على تفعيلها من اجل تسهيل وتفعيل دور شركات النقل لخدمة المستوردين والمصدرين والتي يأتي على رأس المستفيدين منها الشركات والمصانع السعودية الشريك التجاري الأكبر ضمن دول مجلس التعاون في الجمارك، وأهم هذه المقترحات هي:
1- السماح للشاحنات الفارغة بالحركة بين دول مجلس التعاون من دون قيود خاصة حيث ان 70% من الشاحنات الخارجة من دول مجلس التعاون فارغة.
2- السماح للشاحنات الخليجية بالتحميل من أي بلد بغض النظر عن جنسية السائق.
3- إنجاز المعاملات الجمركية لشاحنات الترانزيت على مدار الساعة في جميع منافذ دول المجلس.
4- تخصيص 4 مسارات لمداخل ومخارج المنافذ الحدودية مقسمة للفارغ والمحمل والترانزيت والطوارئ وتجهز الساحات الجمركية بأحدث التقنيات لاستيعاب الحركة المتزايدة بين دول مجلس التعاون.
5- الارتقاء بمستوى المرافق على المنافذ الحدودية بين دول المجلس وتقديم أفضل الخدمات مع توفير مرافق عامة للمخلصين ورواد المنفذ وزيادة الإضاءة واللوحات الإرشادية.
6- وضع عيادة وسيارة إسعاف بشكل دائم على المنافذ لدعم الحالات الطارئة بالنسبة للمسافرين وسائقي الشاحنات لمواكبة الزيادة في الحركة.
7- تطوير النظام الجمركي الآلي بما يتواكب مع التقدم الحاصل في مجال تقنية المعلومات وربطه مع باقي دول مجلس التعاون ليكون نظاما إلكترونيا موحدا خليجيا يوفر الوقت والجهد.
8- إعطاء صلاحية لسلطات المنفذ بالسماح للسائقين الأجانب بمغادرة السعودية بعد تجاوز 72 ساعة في السعودية في الحالات الاستثنائية.
9- إصدار تأشيرات خليجية متعددة السفر يسمح فيها للسائق الأجنبي بالمرور دون معوقات مع عدم السماح له بالسفر خارج نطاق الخليج إلا من بلد الإقامة.
وعلى صعيد المرور، فإننا ندعو إلى عدم السماح بسير الشاحنات في حال عدم توافر الأشرطة العاكسة للضوء خلف الشاحنات وصدامات ذات مواصفات دولية لتوفير أقصى حد من السلامة في حال الحوادث، وإنشاء مواقف للشاحنات خارج المدن الرئيسية في دول مجلس التعاون كمراكز تجمع للشاحنات على أن تشتمل على جميع الخدمات الضرورية من مرافق فندقية وورش صيانة وامن وصحة ومرور ومطافئ وخدمات مساندة، علاوة على السماح لشركات النقل الخليجية بفتح فروع أو مكاتب رئيسية في دول المجلس دون قيود أو شروط فيما يخص نقل البضائع أو المسافرين تطبيقا للقرار الصادر من مجلس التعاون الخليجي في هذا الخصوص.
كما ندعو للرقي بالخدمات المقدمة بمحطات الوقود على الطرق السريعة التي تربط دول المجلس خصوصا المملكة العربية السعودية وأن تكون الخدمات المقدمة على مستوى جيد أفضل مما هي عليه كونها تخدم العابرين عليها من سائقي الشاحنات والمسافرين على الحافلات بحيث تشتمل هذه المحطات على خدمات متكاملة من دورات مياه نظيفة وموتيلات وسوبرماركت وورشة صيانة (ميكانيكا وكهرباء).
إننا من خلال هذه الوقفة وبعد مرور 7 سنوات على الاتحاد الجمركي لابد لنا من أن نوجه نداء إلى المسؤولين في الدول الأعضاء إلى ضرورة الإسراع في قيام الاتحاد الجمركي وتجاوز جميع المعوقات التي تعترض طريقه، والعمل على إشراك القطاع الخاص الخليجي من خلال اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي في عضوية لجنة الاتحاد الجمركي، كذلك، إشراكه في مناقشة جميع الأنظمة والإجراءات والقرارات المتعلقة بالاتحاد الجمركي، وفسح المجال أمام المنتجات الوطنية بالتنقل بكامل حريتها بين دول مجلس التعاون الخليجي، علاوة على تفعيل جهة قضائية للفصل في جميع الشكاوى والصعوبات. ويمكن أن يلعب مركز التحكيم التجاري الخليجي هذا الدور مع منحه جميع الصلاحيات اللازمة.
كما نقترح تنظيم لقاء مشترك للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي يشارك فيه أعضاء لجنة الاتحاد الجمركي الخليجي، مديرو إدارات الجمارك، مديرو ادارات الجوازات، ممثلون من القطاع الخاص الخليجي، اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، مسؤولو المرور والبلدية في الحدود، هيئة المواصفات والمقاييس بدول المجلس بهدف التنسيق والعمل المشترك.
كما أننا ندعو لرفع الإجراءات المتعلقة بمنع تصدير المنتجات الخليجية إلى بقية دول المجلس تحت مسميات مختلفة منها الإجراءات الحمائية.
وإن جاز لنا أن نختم هذا التقرير، فإننا نؤكد بحق وبشهادة كل الحضور أهمية هذه الندوة التي بحثت موضوعا في غاية الأهمية في الوقت الذي شهدت حضور القطاع المحلي وممثلي الجهات الرسمية من دولة الكويت الشقيقة والمسؤولين في الأمانة العامة للاتحاد في مجلس التعاون ودولة قطر، في حين غاب عنها ممثلو الجهات المختصة من بقية دول المجلس. ونتطلع من خلال التعاون والمتابعة مع الأمانة العامة بدول المجلس الى أن نرى التوصيات الصادرة عن الندوة وقد تحققت في المستقبل القريب.