ظهرت علينا صحف يوم الثلاثاء بمنشتات كبيرة تبشر المعسرين بأن اللجنة المالية بمجلس الامة قد اقرت لهم القانون، وذكرت لهم ان القروض بلا سقف وبلا حدود، والصحافة بطبيعة الحال تتسرع في نشر مثل هذه الاخبار المثيرة، وخاصة انها تدغدغ عواطف الناس، وبهذا اصبح مجلس الامة يوزع المال العام بشكل هبات وكوادر جديدة وفك ديون المعسرين وكأنهم اصبحوا حاتم الطائي يوزعون المال العام تبذيرا وتنفيعا من دون حسيب أو رقيب.
اصبحنا نعيش صرعات جديدة، وصار المال العام يوزع منه بالقناطير وكأننا قد وقعنا على كنز بلا صاحب، وكأن هذه الاموال ليست ملكا للناس جميعا، ولا يمكن ان تصرف على العابثين والمستهترين والمبذرين بأموالهم على حساب المال العام، وكأنه لا يوجد لهذه الاموال صاحب يرفض ان يرى مثل هذا التبذير بأموال الناس واموال اجيال المستقبل.
الا ترون معي يا أيها الناس، أن نهب المال العام صار قاعدة ميسرة وخاصة اذا قرر مجلس الامة ان يصدر قانونا بالغاء جميع ديون الناس ولكن من دون سقف، ولكن بالنسبة للمعسرين فهم يفكرون في فك عسرهم من دون سقف اي يصرف لهم من دينار واحد الى الملايين دون قيد او حساب. وماذا يفعل الناس خارج الكويت الذين يقرأون هذه المنشتات؟ ألا يدفعهم ذلك الى الاستهزاء بنا والسخرية من عقولنا؟! كيف ان احوال شعب بكامله تدمر وفقا لقانون يصدر عن مجلس غير مسؤول هدف كل اعضائه هو دغدغة عواطف الناس والضحك على ذقونهم بوعود كاذبة تشجع على الاسراف والتبذير دون قيد او رقيب؟!
ارحموا الكويت يا ناس، ويكفيها سمعة سيئة في الخارج بسبب ما يصدر عن اعضاء مجلس الامة وصحافتنا المبالغة حول مخالفتهم لحقوق الانسان في الكويت او بسبب ما يدعيه البعض من ان الكويتيين يستعبدون الاجانب، رغم ان الاخ د.محمد العفاسي وزير الشؤون رد مثل هذه الاتهامات، ويرد بأن الكويت هي واحة امن وامان وفيها سلطة قضائية مستقلة تطبيق القانون بأمانة عن الجميع.
هذا ما فعلناه بالنسبة للرد على هذه الاتهامات الجائرة على الكويتيين، ولكن كيف نرد على هذه الشطحات الفكرية التي تريد ان تحقق من وراء تبذير المال العام مكاسب انتخابية فقط، ولا يفكرون بما يعرض سمعة الكويت من ردود فعل سيئة لدى كل من يقرأ او يسمع هذه الادانات عن الكويت، ويؤثر كثيرا على نظرة الناس للكويتيين باعتبار انهم شعب مسرف يبدد امواله وفقا لقانون يصدر من مجلس الامة حتى لو لم يوافق عليه مجلس الامة.
اقل ما يمكن ان نقول عن مثل هذا التصرف هو ان الواجب يحتم علينا ان نجعل الكويت تبدو على حقيقتها ونمنع الاساءة اليها، وان نقف جميعنا خلفها مدافعين عنها على جميع المستويات، ويجب علينا ان نخدم انفسنا، وان نحترم عقولنا والا نتصرف اي تصرف به استهتار، والمال العام هو امانة لدى الجميع، ولستم انتم فقط امناء عليه يا اعضاء مجلس الامة.
عودوا الى صوابكم، وارحموا بلدكم لان مثل هذا الضرر المادي والمعنوي اصلاحه صعب بعد ان يتحقق الدمار الذي يسببه. وستبقى الصورة السيئة عنا في اذهان من يقرأ هذه الاخبار، ويعتبروننا اننا مبذرون، ولا ننظر باحترام الى المال العام، ولا نفكر في غدنا بأن نعيش يومنا اما من سيأتي بعد الآن فلا يدخلون في حساب امثال هؤلاء الاشخاص.
فلنقف بقوة ضد هذه التصرفات، ولا نسكت عن هذا التطاول على نهب المال العام، وادعو الله سبحانه وتعالى ان يحفظ الكويت من سوء نوايا امثال هؤلاء الذين همهم الوحيد هو نهب المال العام، ولا يهمهم ما سيحصل لمن سيأتي بعدهم، ومثل هذا التصرف هو منتهى الجهل والانانية.