المأساة التي شاهدناها على شاشات التلفزيون وكيف عاملت اسرائيل أناسا طيبين قصدوا الخير على قافلة الخير لنجدة إخوانهم وأخواتهم في غزة، هذا الجزء العزيز علينا جميعا من الوطن الذي تحاصره اسرائيل بعد ان دمرت فيه الكثير من المرافق وهدمت فيه البيوت، حتى مدارس الأمم المتحدة لم تنج منها بجانب قتل الآلاف وتشريد عشرات الآلاف من بيوتهم، كل ذلك حصل ولمدة شهر تقريبا أمام أعين العالم ووقوف الجميع وقفة صمت، ووقفت أميركا بصورة خاصة وقفة شماتة بمصير إخواننا في غزة.
هذا العمل العدواني الشنيع حصل أمام أعين الرئيس الجديد أوباما الذي جاء إلينا برسالة السلام وبخطاب إسلامي من جامعة القاهرة، صدقه البعض معتقدا أن هذا الإنسان بنواياه الطيبة سيتمكن من تغيير صورة أميركا المتوحشة التي ترسخت بالنسبة لنا كعرب ومسلمين مع الأسف الشديد. وأصبحت عبارة عن الشيطان الأكبر حسب الوصف الإيراني، لما تسببه من قتل واغتيال عن طريق الريموت كونترول، أي ان أحد الجالسين في واشنطن يتحكم بمصير عوائل بريئة في أفغانستان وباكستان وحتى في اليمن بدم بارد تحت عذر ملاحقة طالبان والقاعدة بواسطة طائرات بدون طيار.
إن ما حدث في أعالي البحار هو جريمة كبيرة وقرصنة، وهو في نظري ليس غريبا على ما تعتبر الولايات المتحدة أنه عقاب لكل عربي أو مسلم، هو خطوة نحو تحقيق الانتقام من القاعدة وطالبان وذلك دون مبرر، وحتى ضمائرهم لا تتحرك رغم بشاعة الجرائم الاسرائيلية المستمرة ضد العرب وإخواننا الفلسطينيين، وستدعي الولايات المتحدة أنها مضطرة الى السكوت حيث انها تقوم بدور الوسيط بين الاسرائيليين والفلسطينيين للوصول الى حل الدولتين التي وعدتهم بها منذ أكثر من ست سنوات.
إنني على يقين بأن أي دولة ستخرج من هذه المفاوضات هي دولة عميلة لإسرائيل وتابعة لها ولن تحقق للفلسطينيين أمنيتهم بأن يرجع لهم وطنهم السليب، وان يعود اللاجئون الى بيوتهم وأراضيهم. ولننظر الى ما يحدث في القدس فإنه يؤكد لنا، ان اعتبار القدس رمز العاصمة الأبدية هو منتهى ما تخطط إسرائيل له منذ إنشائها، ولن يكون للعرب موضع قدم في القدس.
على كل حال، القرصنة الاسرائيلية ليست بغريبة، ولكننا كعرب مستمرون باحترام الوعود بكاملها على أمل الحصول على الوطن المسخ لإخواننا الفلسطينيين. فهم مصرون على السير الى المصير المحتوم الذي ترسمه لهم اسرائيل بدعم من الولايات المتحدة، وكل محاولة نقوم بها على أمل أن نصل الى حل وسط مع اسرائيل هي محاولات فاشلة، ولن تستمع اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية إلا الى صوت القنبلة، صوت السلاح وتقديم الشهداء حتى ولو بالملايين، لأن ما تضمره اسرائيل لنا هو إبادة الشعب العربي بترسانتها النووية، فلا تتصوروا إذن ان اسرائيل ستهادن العرب لأن في ذلك ستكون نهايتها، وانها ضد أي سلام وضد أي مهادنة ولأنها لا تعرف إلا لغة القوة والسلاح. فهل يا ترى نتعظ نحن العرب ونعيد حساباتنا وطريقة التعامل مع اسرائيل وحليفتها بأسلوب آخر غير المهادنة والاستجداء على أمل ان تتحقق آمالنا وأمانينا في العودة الى الوطن السليب. لكن هيهات ان يحصل ذلك لأننا نتعامل مع كتلة من الحقد والضغينة والكراهية للعرب والمسلمين.