عندما يدخل الطفل الروضة يكون جوها جديدا عليه، بالإضافة الى اختلاطه مع أطفال من مناطق مختلفة، لذا يعود الينا في بعض الأوقات متعجبا من بعض الألفاظ التي يسمعها ممن لم يحرص آباؤهم على تعليمهم وتهذيبهم حسب الأصول المرعية أو المتبعة، ويكون استغراب الآباء من هذا الخبر أمرا مقبولا، لأن الأمر جديد عليهم ولم يكن الاطفال حتى الآن على مستوى من الوعي يحصنهم عند التعرف على عادات جديدة ويجنبهم استعمال الألفاظ النابية، يتمنى الإنسان بعد هذا الدرس وهو في الروضة ألا يسمعها من أي شخص يفترض فيه التربية الحسنة واحترام الغير.
وأعجب حقا من اننا بعد كل هذه السنوات من ممارسة الديموقراطية والتعرض لظروف صعبة، أصبحنا نسمع ان هناك أحاديث كثيرة عن الخلافات بين النواب والوزراء، أو بين بعضهم البعض في مجال الحوار الديموقراطي في المجلس، لأن أهم ما يربط الإنسان بأخيه الإنسان هو لغة التخاطب وأهم ما في ذلك الكلمة الطيبة والابتعاد عن كل كلمة قد تسيء الى الغير، لأن الكلمة النابية إذا خرجت من الفم وسمعها شخص آخر وكان مقصودا بها فإنها تكون كالفرصة الضائعة لن تعود مهما فعل قائلها، لأن الكلمة النابية تخلف جرحا عميقا لا يبرأ أبدا خاصة إذا كان قائلها شخصا مسؤولا يجب أن يتقيد بأسلوب المناقشة والحوار، ويتقيد بما ورد في الدستور وفي اللائحة الداخلية.
ما حدث بين أحد النواب والأخ وزير الصحة د.هلال الساير أمر أقل ما يمكن أن نصفه به انه أمر مشين، ولم تجرح كلمة النائب د.هلال فقط، بل جرحت جميع أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس الأمة، لأن المفروض ان يكون مستوى الحوار والأخلاق الذي تفرضه عضوية مجلس الأمة أو عضوية الحكومة راقيا ومهذبا.
أسفا على مجلس الأمة، لأن مثل هذه التصرفات عبارة عن سهام تصيب المجلس في مقتل وتؤدي الى حله، وسيكون هذا خسارة كبيرة لفقدان أكبر مكسب حصل عليه الشعب الكويتي وذلك بتطبيق الحياة الديموقراطية في الكويت، لأنه مهما اختلفنا يجب ألا نتسبب في جرح هذا المجلس ولا أن يجرح أخلاقيات هذا المجلس، ولكن ان يصل الحوار الى مستوى القذف والنيل من شخص الإنسان أو من عائلته هذا أسلوب «شوارعي»، وكان يجب على أعضاء مجلس الأمة الحاضرين هذه الواقعة ان يبطلوا مثل هذا التصرف من الأخ النائب حتى لا يسبب إثارة الأخ د.هلال الساير وما قد يترتب عليه من اعتداء جسدي أو أكثر من ذلك، فهذا الأمر مرفوض رفضا قاطعا، خاصة انه حدث بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة وأعضاء المجلس من وزراء ونواب، وإن كان ذلك في قاعة الاستراحة.
«يا ناس، حرام عليكم ما تعملوه» وأرجو ألا تدنسوا الصفحة البيضاء في الديموقراطية الكويتية بمثل هذه التصرفات التي تصيب التجربة في مقتل وتؤدي الى القضاء عليها لأن ما تبقى لدينا في هذا البلد الطيب هو تلك الأواصر الصادقة بين بعضنا البعض، والتواصل الدائم الذي نجده متأصلا في تصرفاتنا ما يجعل من الكويت نموذجا فريدا.. حرام ان نشوه صورتها بتصرفات شخصية خالية من الذوق والأخلاق.
وأناشد أعضاء مجلس الأمة جميعا أن يبادروا إلى وقف سريع لمثل هذه التصرفات حفاظا على الديموقراطية في وطننا الحبيب.
وكان الله في عوننا بتحمل أمثال هؤلاء الأشخاص.