مجلسا الأمة والوزراء في صراع مستمر، هذا بطبيعة الحال لا يعود على البلاد بأي شكل من أشكال المنفعة.
المنفعة للناس هي أن نصل الى اتفاق دائم لأننا من دون اتفاق لن نستطيع أن نحقق الرسالة المطلوبة من الحكم بتعاون المجلس مع الحكومة في تنفيذ المشاريع وخطط التنمية.
كل ذلك يحتاج الى قوانين تساعد على تحقيق الأهداف، وقد يكون الاتفاق على تفاصيل خطة التنمية بادرة طيبة بشرط أن تتضمن هذه الخطة وسائل التنمية المستدامة لأن أغلب الأجهزة الحكومية غير مؤهلة بشكل كاف لتنفيذ البرامج الحكومية الواردة في الخطة والتي قد لا تحقق أهدافها خلال المواعيد المعتمدة لها وأي تغيير في تنفيذ المشاريع لا يعتبر إخفاقا يوجب التخلي عنه.
وعلى مجلس الأمة أن يعلم أيضا ان عهدنا بالخطط قد أصبح بعيدا بعض الشيء، الأمر الذي فتح المجال للمؤزمين لطرح مواضيع شعبوية وما يعن لهم من أمور طارئة وخارجة عما هو وارد في الخطة.
لذلك لابد ان نعطي التجربة الحالية فرصة على الرغم مما قد يحدث فيها من أخطاء، وذلك لأن إنجاز أي عمل لا يمكن أن يخلو من أخطاء ولكن الأهم أن تتضمن خطة التنمية آلية تكشف الأخطاء أولا بأول حتى نتفاداها عند حدوثها والقيام بإعادة تخطيطها بما يتفق والأهداف العامة للخطة.
أرجو أن نفرح بأنه لأول مرة تكون القيادة السياسية ملتزمة بخطة التنمية، وهذا الأمر هو أهم عنصر في نجاح برامج التنمية، حيث ان الدعم السياسي هو الذي يجعل المحاسبة أسهل بالنسبة للمسؤولين المباشرين، وكل من لا يستطيع تحقيق طموحات القيادة السياسية يجب ان يتخلى عن المسؤولية ويترك المجال لاختيار من هو أكفأ منه في تحمل هذه المسؤولية، لأن أي شخص يقبل المسؤولية عليه أن يتحمل نتائجها ويعمل جاهدا لتحقيق أهداف الخطة وعدم الخروج عنها.
وهذا يعني ان نوضح للعاملين جميعا أهداف الخطة، ليعرف كل فرد دوره في التنفيذ، وان يكون الجميع مسؤولين عن التنفيذ بداية من الوزير وحتى أصغر شخص في السلم الوظيفي في الوزارة أو المؤسسة، ولا يتحقق ذلك إلا اذا انتهى الصراع المستمر بين مجلسي الأمة والوزراء، هذا الصراع الذي أدخل الكويت في متاهات لا تعرف الكويت عقباها.
وبروح التعاون والتآزر والتكافل بين جميع السلطات، نستطيع ان نحقق طموحاتنا في الخطة وقبل ذلك كله يجب أن نحسن النوايا وان نتواصل بين بعضنا البعض، ولا يكون هدفنا تصيد الأخطاء بل التعاون في التغلب على هذه الأخطاء.
فإذا سادت هذه الروح بين الجميع فيمكن ان نقول ان الكويت قد بدأت فعلا خطواتها الثابتة على درب التنمية، ومن دون ذلك لا يمكن ان نفرح كثيرا بأن لدينا خطط تنمية، وليست العبرة دائما بوضع التصورات النظرية ولكن الأهم من ذلك ضمان ان يكون طريق الخطة سالكا مع الحرص على توفير جميع التشريعات والقرارات التي تحقق الأهداف الواردة في الخطة، وعسى ألا نخذل القيادة السياسية في أمانيها بأن نعيد الكويت الى ما كانت عليه في السابق، وان تكون في مقدمة دول المنطقة من غير هذا الوهن الذي أصابنا في السنوات الأخيرة وكان الله في عوننا.