عبدالرحمن العوضي
ان حملة الترشيد التي نعيشها هذه الأيام من حثّ الناس على زيادة حرصهم عند استعمال الكهرباء وعدم الافراط في استهلاك هذه الخدمة المهمة، كلها دلائل على اننا بدأنا على طريق الصواب، ولا يكفي ابدا ان نعتمد على تصرفات المواطن الذي لا يقدّر النعمة الكبيرة التي يعيشها.
وقد سعدت جدا للاسلوب المتبع في هذه الحملة، وحرصت على ان أزور المركز الذي تدار منه هذه الحملة، ورأيت شبابا جادين يصلون الليل بالنهار لكي يجنبوا الدولة انقطاع الكهرباء في فصل الصيف، وكانت الروح عالية جدا من جميع العاملين من فتيان وفتيات، والذين كان اغلبهم من الجامعة وكانوا على مستوى المسؤولية من الحرص، حتى ان اسلوبهم في التخاطب مع المواطن كان راقيا جدا، وهذا الاسلوب ليتنا نجده في جميع مؤسسات الدولة، خاصة مأموري البدالات، والعلاقات العامة، لكي يتخاطبوا مع المواطن بهذه الصورة المتميزة. وقد أثبت مسؤولو القطاع الخاص من فئة الشباب المؤمنين ببلدهم أنهم يمكنهم ان يؤدوا واجباتهم تجاه وطنهم بصورة متميزة.
هذا الاسلوب الذي اتبعناه في نظام الترشيد يجب ان يتبع في الكثير من الخدمات التي تهدر بصورة مؤسفة من قبل أناس غير مسؤولين وغير مهتمين بسلامة الوطن والحفاظ على مكتسباتنا، فعلينا مثلا ان نسخر جميع وسائل الإعلام لتوعية المواطن بخدماتنا التي نقدمها اليه. وليت هذه الفئة التي بدأت بهذا الاسلوب الحضاري تكلف بأمور توعوية اخرى تتعلق باستعمال المياه، واستخدام الطرق واتباع قواعد المرور، وحسن استخدام الأدوات الصحية وغير ذلك من الخدمات التي تقدمها الدولة ولا يقدرها المواطن، ولا يعرف قيمتها الا بعد ان يهدد بالانقطاع.
كل ما أرجوه هو ألا نكتفي بالترشيد بهذه الطريقة، بل يجب ان نفكر بالمستقبل ونوفر الطاقة اللازمة حسب التوسع السكاني والاسكاني الذي نسمعه يوميا من الوزراء والمسؤولين، ويجب ان نعيد اسلوب بناء منازلنا بحيث تصبح ما تسمى بالمباني الذكية لنستطيع التحكم في مجموعات الطاقة بشكل بسيط عن طريق فصل الاضاءة عن جميع البلاكات الكهربائية وعن التكييف حتى يمكن ان نتحكم بها بصفة منفردة أو بالاضافة الى ذلك يجب ان نخطط لعشرين سنة مقبلة على الأقل لاحتياجاتنا من الماء والكهرباء على الأقل، ولا مانع من وجود احتياطي كبير لدينا يمكننا ان نبيعه في اطار التعاون الخليجي، وأمامنا العراق سيحتاج الى أكثر من 20 سنة حتى يتمكن من توفير حاجاته من الطاقة، وأهم من كل ذلك ان نبدأ بالتفكير في اتباع نظام الشرائح في استهلاك الكهرباء بحيث ان من يستهلك أكثر يدفع أكثر، وليس على الطريقة الحالية التي هي أقرب ما تكون الى «البلاش».
نرجو ألا تتردد الحكومة في اعطاء الأولوية لهذه الخدمات، ويجب ألا تسير وفق الروتين الحكومي اذا أردنا ان نقبل التحدي مستقبلا في مجال انتاج الطاقة وانتاج الخدمات الحيوية الأخرى، وأرجو ألا نتعذر بالروتين، وألا نخاف مما يسمى بالتنفيع لفئات معينة، بل انني على يقين بأننا اذا سلمنا المسؤولية للأقوياء الأمناء فسيتمكنون من مواكبة هذا التحدي الكبير الذي يهدد الكويت.
ويجب ان نقبل التحدي وان نكون على مستواه.
وكان الله في عون رئيس الحكومة في قبوله هذا التحدي، والله ولي التوفيق.