ما تمر به الكويت هذه الأيام لا يسر أي محب لها وهو يعطي صورة عن الكويت مختلفة تماما عن حقيقة الأمور، وهناك من يدعون أنهم حماة للدستور تحت شعار «إلا الدستور» وينسى هؤلاء أن المسؤول الأول والأخير هو صاحب السمو الأمير، لأن الدستور الكويتي ذو خصوصية غابت عن الكثير أو يتجاهلها البعض من العارفين بالأمور، وهذه الحقيقة هي ان دستورنا عبارة عن منحة من أمير صاحب رؤية وشعب كان يستحقه عندما تبلورت الرؤية لدى الأمير الراحل المغفور له الشيخ عبدالله السالم، رحم الله الأمير الحكيم والمحب للكويت.
وقد حرص من صاغ الدستور على أن يحتفظ الأمير لنفسه بحق التغيير في الدستور أو رفض هذا التغيير إذا تقدم به ثلث اعضاء مجلس الأمة، وحتى اذا وافق سموه من حيث المبدأ على التعديل فقد اعطاه الدستور ايضا الخيار في قبول التعديل بصورة نهائية أو رفضه، واذا رفضه الامير فلا يجوز اعادته الى المجلس كباقي القوانين، واعتماده من المجلس رغم رفض الأمير له، ولكن أجاز الدستور ان يعاد النظر في اي تعديل بعد سنة وذلك بعد ان يقبل صاحب السمو الأمير هذا التعديل.
يتبين من هذا ان من صاغ الدستور بصورته النهائية كان حكيما ومقدرا لهذه المنحة العظيمة من امير كريم لشعبه، ذلك الشعب الذي كان يستحقه ولم يدر في خلد احد ان الشعب الكويتي سيتغير الى هذه الدرجة التي نحن عليها ويحاول البعض منهم القفز على الدستور بادعائه حماية الدستور.
كل هذا التجاهل ادى الى ما شاهدناه في الميدان لدرجة ان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله قالها صراحة ان جميع السلطات تأتمر باسمه، وهو الذي تولى سلطاته التنفيذية من خلال وزرائه، فكل مجلس الوزراء يقومون بتنفيذ اوامره دون اي رأي لهم، فهو السلطة العليا ويحق له التصرف بأمور الدولة كونه ايضا رئيسا لباقي السلطات.
ان احترام الدستور اذن هو احترام لصاحب السمو الأمير، ويكفينا هذا التجاهل بمواد الدستور، ويؤسفني ايضا ان الكثيرين يحاولون تفسير حكمة صاحب السمو الأمير على انها ضعف، حاش لله، فسمو الأمير الحالي حفظه الله أكثر الأمراء خبرة بإدارة شؤون البلاد وبصورة خاصة في ظل وجود الكويت في هذه المعمعة والصراعات التي تدور حولنا فحكمته دائما تتمثل في قول الحق الصريح، وانا على يقين بأن صبره قد نفد ولا يجوز ان يتخطى احد هذه الأوامر التي يراها سموه للحفاظ على امن واستقرار البلاد في منطقة تعج بالصراعات والتهديدات.
ليت الاخوان اعضاء مجلس الأمة يعلمون ان حصانتهم تنطبق عليهم ماداموا داخل قاعة عبدالله السالم، أما خارج هذه القاعة فهم مواطنون عاديون بل قد يكونون اقل من المواطن العادي الذي قد نعذره بسبب تصرفاته لجهله بالقانون، أما النائب فعليه ان يعرف ان جميع تصرفاته يجب ان تكون وفق أحكام القانون حيث انه مشرع وهو ادرى بأحكام القانون وإمكانية تنفيذه، ودائما عندما تتسلم سلطات الأمن أوامر تدخل في اية قضايا لا تفرق بين مواطن وآخر، لأن الكل سواسية أمام اطاعة القانون، ورأينا ذلك واضحا في بلد الديموقراطية انجلترا، عندما شاهدنا مظاهرات الطلبة ترفض زيادة رسوم الجامعات واجتمع اكثر من 150 ألف شخص من جميع أنحاء بريطانيا قرب مجلس البرلمان، وكانت أوامر الشرطة لهم بألا يقتربوا من حائط البرلمان اثناء مناقشة القانون، وحينما خالف البعض تلك الاوامر ولم يستطع الحاجز البوليسي البشري منعهم، رأينا كتيبة فرسان اقتحمت الصفوف وأبعدتهم عن المنطقة المحظورة، رغم اصابة الكثيرين منهم، ولكن هذا هو دور قوات الأمن دائما عليها ان تنفذ الأمر وعلى من يخالف ذلك فعليه ان يتحمل العواقب.
يا إخوان يا أعزائي، لا تصعدوا الأمور والهدوء سيد المواقف دائما وتذكروا دائما ما قاله الشيخ عبدالله السالم عندما حدثت بعض الخلافات بين اعضاء مجلس الأمة ببيت الشعر الذي بقي حيا حتى هذا اليوم عندما ذكر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة اذا جهالهم سادوا
تلقى الامور بأهل الرأي ما صلحت
فإن تولت فبالأشرار تنقاد
فاحذروا الأشرار ولا تولوهم الأمر، فالكويت في حاجة إلى كل محب ومهدئ للأمور، ولا يحاول تصعيد الأمور لغاية في نفس يعقوب. وحمى الله الكويت من كل مكروه.