هذه الأيام نعيش في الكويت مرحلة تعتبر في نظري من أخطر المراحل في تاريخ الكويت الحديث، خاصة ان ظواهر التمرد والعصيان قد بدأت تهدد الكويت، حيث ان التجمعات غير القانونية أصبحت مجالا للمزايدات وكأننا نسينا ان النظام الديموقراطي في الكويت قد أوجد لنا أسلوبا متميزا في التفاهم والاختلاف بين السلطة والشعب، وقد وجدت قاعة البرلمان لتكون ساحة لهذا السجال، ووجود البرلمان في أي بلد لا يجوز معه لأي مجموعة أو فئة أو جماعة ان تخرج عن قاعدة الحوار البرلماني وفق النظم واللوائح الداخلية، لأن التجمع الغوغائي يتحول الى حكم شوارعي بدلا من الحكم الديموقراطي الذي أصبح الآن أسلوبا مرفوضا من قبل أهل الكويت الذين ارتضوا بالحوار الديموقراطي كأسلوب للتفاهم، وحتى الاختلاف بين الشعب والسلطة.
يستغرب الإنسان فعلا من مثل هذه الظاهرة لدرجة انني بدأت أشك من وجود مخطط لإثارة القلاقل في الكويت، وان عناصر التأزيم لا يمكن ان يكونوا منتمين الى الكويت، وحتى الآن لا أحد من أهل الكويت يرضى بمثل هذه المنازعات والزوابع التي شغلتنا عن أمور حياتنا، حتى ان مجلس الأمة والحكومة قد تعطلا عن القيام بتوجيهاتهما تجاه التنمية التي يجب ان تكون هدفا للجميع.
هذه التصرفات تجعلني اتهم بعض من يحيط بنا بأنهم يقصدون إثارة الزوابع والقلاقل في الكويت، لأنهم يعتبرون التجربة الديموقراطية تهديدا لبقائهم خاصة الأنظمة المستبدة التي لا تشارك شعوبها في إدارة البلاد، وبدأت ظواهر الانقسام والتهديد تطل برأسها من خلال بعض برامج الفتنة الشعبية، وهذا الأمر بطبيعة الحال خطير سيؤدي الى تدمير كل شيء، ولا يختلف عما قاله «شمشون الجبار» الذي هدم المعبد على نفسه وعلى الناس الذين معه «عليّ وعلى أعدائي».
لا يا ناس، هذا أسلوب مرفوض ولا يمكن ان نقبل به وقد يكون صوتي من بين الأقلية ممن بقوا من أهل الكويت الذين يرفضون هذا التصرف، ويرفضون أيضا كل تهديد واستغلال في كويت الأمن والأمان، فلقد اختلفنا على مر العصور مع الحاكم، ولكن كان الخلاف من أجل المصلحة العامة، واتفقنا من دون هذا التصعيد ومن دون هذه المهاترات على أن الحاكم دائما هو الحكم العادل بيننا.
نعم يا إخوان، هذه الكويت وهؤلاء هم أهل الكويت لم يرضوا بإيذاء هذا البلد بنظامه المتميز وعلاقته المتميزة بين الحاكم والمحكوم، فحكامنا سيظلون دائما حكماء، وسيظل الشعب الكويتي وفيا لما قبلناه من أسلوب حكم، فإذا كان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، قد كرر النصح في عدة مناسبات محاولا التهدئة، ومع الوحدة الوطنية، طالبا منا «التمسك بالعروة الوثقى» وبحب هذا الوطن والمحافظة عليه ومنع كل ما يضر بسلامته وبقائه، فتذكروا دائما كلام سموه ولنكن متحدين ومتلاحمين نقف صفا واحدا نشد من أزره، ونسير على طريق الخير والبناء بدلا من كل هذا الضجيج، وهذا التطرف الأهوج الذي سيقود البلاد الى ما فيه الضرر على الجميع لو استمر اتباع هذا الأسلوب، فارحموا بلدكم، واعلموا ان العنف لا يولد إلا العنف، فنحن في الكويت قد تعودنا على التفاهم والمحبة رغم كل خلافاتنا، فلتبق خلافاتنا دائما للمصلحة وليست المضرة وفي إطار الحكمة.
وكان الله في عون أميرنا، حفظه الله، بالسير بسفينة البلاد الى بر الأمان والاستقرار، وكونوا عونا ودعما دائما بدلا من التشرذم والتفتت والفتنة.