عبدالرحمن العوضي
لقد كان خطاب صاحب السمو الأمير بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك خطابا يحتوي على الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب الكويتي. وكنت أنا شخصيا أتوقع خطاب سموه، وهو الذي قضى عمره في السياسة الخارجية، ان يحتوي على القضايا السياسية التي تحيط بنا، والتي تهددنا كل يوم ونحن غافلون عنها، لأن أوضاع الدول التي تحيط بنا والقريبة منا صارت لا تسرّ لأنها عبارة عن مصدر قلق كبير لنا في الكويت، ولاستقرارنا ولحياتنا بصورة عامة وما يجري في العراق بصورة خاصة. ولا أعتقد ان الولايات المتحدة قادرة على احتواء ما يدور هناك، ولا أعرف كيف تخطط لفتح باب صراع جديد مع ايران وما سيكون له من أثر على بلدان المنطقة.
هذه النقاط هي أبجديات للوضع الخارجي للدول المحيطة بنا، وانا على يقين من أن سموه يعي ذلك، بل يعي أكثر من ذلك لمعرفة الحقيقة، الأمر الذي جعل سموه يوجه كلمته للجبهة الداخلية لأن هذه الجبهة إن لم تكن صارمة وقوية ومتراصة يحمل الجميع قواها بصورة متكاملة بدون خلاف أو تنابز، وكذلك ان لم يتم توحيد الصفوف وتقرير الوحدة الوطنية للشعب بجميع طوائفه وقبائله وفئاته فلا يمكن ان نجابه الأخطار المحيطة بنا في الخارج.
فهل يا ترى استوعب اعضاء مجلس الأمة بصورة خاصة كل هذه المناشدة التي أبرزها سموه في خطابه، مع العلم ان سموه قادر على ان يتخذ خطوات حاسمة تعيد الأمور الى نصابها القانوني، ولكن سموه حرص على ان نتعلم الدرس، وتأتي المبادرات منا فنوحّد صفوفنا ونتغلب على اختلافاتنا فنستبدلها بتعاون بين السلطتين دون هدف الإيقاع بالسلطة التنفيذية.
أما ما تضمنه الخطاب بالنسبة للحكومة، فإن سموه كان واضحا في أن التعاون يجب ان يكون من الطرفين، وأن الإصلاح يجب ان يكون بيد الحكومة والمجلس، وان القضاء على الفساد المستشري في أجهزة الدولة هو من الأولويات التي يجب ان تتفرغ لها الحكومة، كما ان برامج التنمية والتخطيط الملزمة للسلطتين تأتي مبادرتها من الحكومة، وتتضمن عادة برنامج الحكومة ومعالجة الخطة لهذه التوصيات، ومن غير ذلك لا يمكن ان تستقر الأمور ويحل التعاون بدلا من الصراع، وتحل المصلحة العامة مكان المصالح الخاصة والفئوية والقبلية والطائفية والشخصية.
نعم لقد كان خطاب صاحب السمو الأمير خطابا واضحا محوره الأساسي إصلاح ذات البين بين أفراد المجتمع، وعلى كل فرد مسؤولية تجاه الوطن وان نحرص على اظهار استيائنا من أي أخطاء سواء كانت من الحكومة أو من مجلس الأمة بدلا من الاستمرار في الضغط على أعضاء مجلس الأمة لمكاسب مالية أصبحت تثقل الحكومة والمجلس معا. ولا أظن اننا بهذا الأسلوب الذي نعيشه سنستحق ثقة صاحب السمو الأمير بنا، وتحقيق أماني سموه وأمنياته.
انها مسؤولية واضحة طرحها صاحب السمو الأمير لعلنا نستوعب أهميتها ونتفاعل معها، كل واحد منا في مجال تخصصه، لرفع شأن الأمة والابتعاد عن أي تصرفات قد تضر أمتنا. انها حقا مسؤولية كبيرة لابد علينا ان نتحملها، ولا هروب منها لأنها مسؤولية المجتمع أولا، وقبل كل شيء تقع على أفراد المجتمع. فلنكن على مستوى آمال صاحب السمو فينا، وليشد أحدنا أزر الآخر لنلبي هذه الأمنيات التي طرحها صاحب السمو في خطابه راجيا من الله في هذا الشهر الفضيل ان يلبس صاحب السمو الأمير القوة والعافية، وان تتحقق طموحات وآمال سموه من أجل تقدم الوطن ورفعته.