عبدالرحمن العوضي
نعلم يقينا أن البطر يصيب بعض الناس مع الغرور وعبادة المال والمبالغة في الاسراف وتبديد نعمة الله التي انعم الله بها على الانسان، وهذا يعتبر في نظري نوعا من الفسق والفجور.
ولكن هذا هو الانسان دائما، تنزل عليه الثروة فيبالغ في الاسراف وخاصة اذا كانت هذه الثروة اتت من غير جهد يبذله.
وجزاء هؤلاء عند الله هو العقاب الاثيم لانهم بددوا هذا الخير والرزق في غير مكانه، حتى ان اغلب هؤلاء لا يعطون الصدقات والزكاة ناسين ان في اموالهم حقا للسائل والمحروم.
هذا الداء الخبيث له مظاهر كثيرة واغلبها مظاهر مادية فنجدهم يبالغون في ملابسهم وفي الحلى التي يلبسونها هم وازواجهم واولادهم، حتى السيارات التي يشترونها نجد فيها الكثير من الاضافات غير الضرورية ، ولكن فقط لكي يظهروا علامات البذخ والثروة.
ونلاحظهم في الاسواق، وخاصة النساء اللاتي امامهن الخدامات ومن خلفهن الخدامات، يعرقلن مسار الناس في هذه الاسواق لدرجة ان البعض منهن لا تحمل حقيبة يدها، بل هناك خادمة خاصة لحمل هذه الحقيبة.
انها كما ذكرت علامات التبذير والاسراف ولا يعلمون ان مكانة الانسان في المجتمع ليس فقط بمظاهر الثروة والبذخ بل على العكس يكون ذلك مجالا للاستهجان والسخرية لان ما يفعله الانسان لمجتمعه ولاهله واقربائه من خير هو الذي يجعله في عين المجتمع من الاخيار، ويكون عند ربهم من المقربين لان الخير الذي مسه قد عم جميع الناس من دون تبذير.
مثل هذا الامر متوقع من البعض الذين تصيبهم الثروة من دون تعب، ولكن ما يؤسف له ان يصبح هؤلاء نموذجا لبعض الفقراء الذين نجدهم يحرمون انفسهم من الطعام والشراب والملبس والمسكن الطيب المناسب ولكنهم يتفاخرون بالمظاهر.
واحد انواع هذه المظاهر ما شاهدته في مستشفى مبارك عندما كانت ام عبدالله هناك، حيث كلفتني بزيارة فتاة عُمل لها عملية الزائدة الدودية.
وانا اعرف الفتاة واهلها واعرف دخل والدها، واعرف تفاصيل حياتهم وأنهم يمدون ايديهم للمساعدة من الناس.
وما ان دخلت الغرفة حتى وجدت نفسي في غرفة «معاريس»، الشراشف الذهبية والملاحف الذهبية وغير ذلك من علامات البذخ والترف، رغم ان اقامتها في المستشفى لا تتعدى ثلاثة ايام، فأصبت فعلا بالدهشة وجعلني الموقف امام تجسيد التناقضات في الحياة، ولا اعرف كيف يسمح لامثال هؤلاء اغنياء كانوا أو فقراء ان يدخلوا كل هذا الاثاث للمستشفى وما يترتب على ذلك من احتمال دخول الملوثات معها رغم اننا نحاول تنظيف المستشفى وتعقيمه يوميا منعا لانتقال العدوى، ولكن هذا البذخ في مظاهر الفراش والغطاء وغير ذلك يضيع كل الجهود التي تبذلها المستشفى في منع انتقال العدوى، وخاصة ان هناك انواعا من البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.
مثل هذا التصرف يتألم له الانسان، ويدعو الى التساؤل الى متى نسير خلف المظاهر، ومتى سنصبح قنوعين، والى متى نقلد غيرنا تقليدا اعمى رغم اننا في حاجة لكل فلس نبذره على مثل هذه الاشياء؟
حرام علينا هذا التفاخر، وحرام علينا ان ننسى أن القناعة كنز لا يفنى، وان الغرور والتكبر مصيرهما العقاب الشديد عند الله. فارحموا انفسكم واقنعوا بما لديكم حتى يزيدكم الله من رزقه، وذلك تطبيقا للمثل الشعبي المعروف «مد رجولك على قد فراشك».