عبدالرحمن العوضي
مع الاسف الشديد عندما نسمع عن نهب الدولة، يتمثل امامنا كبار المستفيدين والمتنفذين والحاصلين على خيرات هذه الدولة دون استفادة الوطن منهم بالشكل المطلوب.
ونسمي هؤلاء بالهوامير والحرامية وغير ذلك من الاوصاف التي نطلقها عليهم دون التأكد من هذه الاوصاف التي تسيء الى اخواننا المواطنين ونظلمهم من دون حق، وان كان البعض منهم يستحق ذلك.
هكذا نصور المال العام ونهبه، ولكن ننسى المبالغ الباهظة التي نصرفها على الموظفين الذين يعيش الكثير منهم بطالة مقنعة وينهبون المال العام بصورة قانونية، لأن أغلبهم مع الاسف الشديد لا يعتبر عمله في الدولة واجبا، بل انه نوع من الاستفادة.
وقد تصل اسعار النفط الى أرقام خيالية، الا ان الباب الاول الذي يمثل بطالة مقنعة في غالبيته سينهب هذه المداخيل الجديدة، ولن تستطيع الكويت الاستمرار على هذا النهج في السنوات المقبلة.
قد نقبل هذا الحق المكتسب الذي يدعيه الكثيرون ويقولون ان هذا التمتع بهذه الثروة هو من حقنا، سواء كان ذلك بالحق أو بالباطل.
ولا أريد أن أدخل في سجال مع مثل هؤلاء المتطفلين على الدولة، ولكن أود ان اؤكد ان دوام الحال من المحال. ويجب أن نعلم ان هذه الثروة النابضة لها عمر محدود، وحتى الآن باستثناء عائدات الاستثمارات الخارجية التي أصبحت مصدر الدخل الاضافي والذي لا يتعدى جزءا بسيطا، بل جزءا من مجمل مصاريفنا فإن غالبية انشطة الحكومة هي عبارة عن استهلاك مستمر سواء كان ذلك في الرواتب من الباب الاول أو من أي مجال آخر تصرف عليه الملايين سنويا من دون جدوى.
كما قلت قد يكون هذا مقبولا من قبل البعض رغم أنني قد نبّهت كثيرا من قبل، وذكّرت الناس بأننا قد أمرنا بحسن التصرف في النعمة التي نحصل عليها وفقا للحديث الشريف الذي يقول: «اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم».
من هذا المنطلق اعتبر ان المزايدات التي أراها على صفحات الجرائد حول زيادات الرواتب أو صرف منح للعاملين في الدولة كلها عبارة عن دغدغة لمشاعر الناس يتنافس فيها كل من الحكومة والمجلس، والدفع الى طريق الاسراف وتضييع أموال الدولة بدلا من استثمارها في مجالات تنموية تعود بالخير على الاجيال الحاضرة والقادمة.
وكل ما أرجوه ألا يستمر هذا التنافس بين الحكومة ومجلس الامة في هذا الميدان. لأن كل مصروف خارج عن الميزانية عبارة عن هدر لأموالنا ولأموال الاجيال المقبلة، خاصة أنني ضد أي زيادة في الرواتب، أما اذا كانت هناك رغبة أميرية في منح شعبه منحة فلتكن على شكل منحة مقطوعة لا تتكرر شهريا بصفة دورية.
كفوا يا اخواننا من اعضاء المجلس والصحافة عن دغدغة عواطف شعبنا، وعدم زجنا في منزلق لن نعرف نهايته، لأن الصرف الخارج عن الميزانية المحدودة سيكون تأثيره وخيما. وكما رأينا في بعض التصريحات فإن زيادة الـ 50 دينارا للرواتب سيكلفنا أكثر من 11 مليار دينار خلال السنوات الـ 7 المقبلة.
وكل ما أرجوه ان نخاف الله في المحافظة على هذه النعمة التي نعيشها ونتذكر أننا نعيش ظروفا صعبة خارجية لا نعرف مدى تأثيرها علينا، كما ان اسعار النفط بيد المستهلك، ولا نعرف هذه الزيادة التي نسمع عنها لأن سعر الدولار الذي يباع به النفط قد ينقص أكثر من 50% مقارنة باليورو والعملات الاخرى خلال السنوات الخمس المقبلة.
اننا فعلا نحتاج الى وقفة جادة مع حساباتنا في المستقبل، ويجب، ونحن نعيش هذا الشهر الفضيل، أن نتعلم الاقتصاد بدلا من التبذير وتبديد الثروة التي منحها الله لنا، لأنها ليست ملكنا فقط، بل تشاركنا فيها اجيالنا المقبلة، وكان الله في عون الكويت من هذه الفئة التي لا تريد منا الا مصالحها الشخصية.