عبدالرحمن العوضي
عشنا ساعات عصيبة أثناء مناقشة اسقاط القروض الاستهلاكية وزيادة المعاشات، وغير ذلك من أساليب النهب والسلب التي طنطن بشأنها الكثير من اصحاب المصالح، رغم ان الأرقام والاحصائيات وحتى تقرير اللجنة المالية لمجلس الأمة قالت غير ذلك، ولكن أصحاب المزايدات وأساتذة الفوضى والصراخ والعويل لن يقبلوا، انها حلول غير عقلانية لأنهم سيستمرون في المزايدة وكأن الكويت قد اصبحت بقرة حلوبا سيستمرون في حلبها حتى لو تحول هذا الحليب الى دم.
هل هذا هو الحل في هذا الصراع بين الحكومة والمتفوهين من اعضاء المجلس ولن تستقر الحكومة ابدا بين هذه التهديدات وتضليل الشعب واغرائه بأن يزيدوا في القروض وان يمتنعوا عن دفعها حتى يصبحوا معسرين وتغطيهم مشاريع صناديق المعسرين التي نسمع عنها، اي انه لا منطق ولا حق يستطيع ان يقف امام هذا الباطل الذي ينادون به ويزايدون عليه والمواطن المسكين سيعيش على أعصابه، وتستمر زيادة الأسعار والنهب ويتضرر الحريصون من افراد الشعب والشرفاء الذين يرفضون القروض التي ليس لهم قدرة على تحملها، اما المضاربون والمزايدون فلا يهمهم ذلك.
فالقضية في نظري ليست قضية زيادة معاشات او اسقاط قروض، القضية ان زيادة اسعار النفط قد ادت الى زيادة تكلفة البضائع الصناعية والزراعية والخدمية ومن ثم يضطر هؤلاء الى زيادة اسعار منتجاتهم المستوردة، والتجار لدينا سيستغلون هذه القضية وفرصة الوعود الكاذبة عن زيادة المعاشات واسقاط القروض التي ترفع الأسعار وتكسر ظهر المواطن الصادق الأمين، حتى الآن هؤلاء الحريصون على عدم وقوع المديونيات والاسراف في مصاريفهم هم الأغلبية الذين يجب ان نحميهم وان نعوضهم بسبب هذا الغلاء، وهذا الأمر يستدعي شيئين:
اولا: زيادة دعم العدد الاكبر من البضائع التي يحتاج اليها الانسان، ليس فقط في الأكل والشرب، بل ما يحتاج اليه في حياته اليومية من شرائه ملابس واثاثا واسمنتا وحديدا يبنون بهما بيوتهم فيجب علينا ان نقوم بدراسة حاجة الأسرة الكويتية الضرورية، لا الصرف على الترف والقيام بشراء ما ليس ضروريا بالنسبة اليهم، وان يتم هذا الأمر في اسرع وقت لان تكاليف المنتجات تزيد عالميا كلما زاد سعر النفط، الذي يزيد دخل حكومتنا ويضخم ميزانيتنا، فلو كانت هذه الاضافة الكبيرة في الدخل قد خصصنا جزءا منها لدعم هذه السلع لكان الشعب قد استفاد وحصل على بعض التعويض عن ارتفاع اسعار هذه البضائع، ويكون الخير للناس جميعا بدلا من استفادة فئة قليلة من المغامرين وغير المهتمين بانفاقهم.
أما الأمر الثاني: وهو المهم، فهو حساب معدل التضخم من فترة لأخرى، وبذلك ترتفع وتزداد رواتب هؤلاء الناس حسب ارتفاع هذا المعدل لأنه من المعلوم ان القدرة الشرائية للدينار ستنخفض مع هذا التضخم، فلو اتبعنا هذا الاسلوب لما قمنا بين فترة واخرى بالصراخ والعويل على عجزنا عن شراء حاجاتنا الأساسية، كلما ازداد سعر النفط وارتفعت اسعار المنتجات، وبالتالي يزداد معدل التضخم وانخفاض القوة الشرائية للدينار ويصبح الفرد عاجزا عن تسديد ما عليه من تكاليف معيشته.
فلو اتبعنا هذه الوسائل النمطية المأخوذ بها في كل دول العالم فستستقر امورنا ولن نحتاج الى المزايدين لكي يزايدوا باسم الشعب لمصالحهم ومكاسبهم الخاصة.