عبدالرحمن العوضي
عندما كنا أطفالا كان الشيخ وابن الشيخ لهما طنة ورنة، وكان الشيخ العود ذا مكانة خاصة لدى الجميع، لأنه كان الحاكم العادل الذي يلجأ اليه الجميع عند تخاصمهم، وحيث ان الحكم والسلطة لهما هالة ومهابة لذا، كان الشيخ وأسرته ذوي مكانة وهالة كبيرتين في نفوسنا جميعا، وكان كل شيء يتعلق بالشيخ يحترم، فكلمته كانت محترمة، وعندما كان يمر في الأسواق له مكانته، وعندما يشير بأمر ما كان الجميع يطيعه ولا يخالفه أحد، ورغم ذلك كان له مجلس يرتاده، الجميع يشكون له همومهم وقضاياهم، وكان لرأيه دائما القبول في نفوسنا جميعا.
هذه المكانة الكبيرة للشيوخ عامة، ولصاحب السمو الأمير خاصة قد بدأت تتصدع، وأصبح التطاول عليهم امرا يتردد كثيرا، خاصة بعد ان اصبح أعضاء مجلس الأمة هم الشيوخ الجدد وهم الذين يعتبرون أنفسهم فوق الجميع بل وفوق القانون والنظم، فأصبح انتماء الأفراد لأعضاء مجلس الأمة كما كان انتماء الأفراد للشيوخ سابقا، ولكن كان أغلب الشيوخ يحترمون القانون، وفوق كل ذلك يحترمون أنفسهم ويحترمون الجميع.
أما ما نراه اليوم من شيخة بعض أعضاء مجلس الأمة فإنهم أصبحوا أداة لمخالفة القوانين ولديهم حلول لجميع المشاكل التي ليس لها حلول، فلا اعتبار لديهم للقوانين وهم مخالفون لها في كل لحظة، وهم المخالفون لأحكام قانون المرور وهم المتوسطون لمختلف الجرائم ويخلّصون المتورطين من العقاب، حتى انه قد بلغ بهم الجرأة إلى ان يتوسطوا لمن يروج المخدرات ويتعاطاها ويتسترون على بعض من يريدون مخالفة القانون والنظام، فكأن الوصول الى مجلس الأمة أصبح أسهل الطرق للشيخة، ونسوا ان الشيخ وابن الشيخ يحترمان نفسيهما قبل كل شيء ولا يمكن ان يخالفا القوانين ويتحديا الأنظمة، ولكن شيخة مجلس الأمة هذه الأيام قد جعلوا الكويت مجالا للانتقاد من قبل الكثيرين من أشقائنا الذين كانوا ينظرون الى الكويت كمثل يستحق الاقتداء والوصول اليه، وصاروا يهددون بعدم استمرار المسيرة الديموقراطية، وأصبحوا من مروجي العصيان على الأنظمة والحكام فهؤلاء أصبحوا حقا عراقيل أمام المسيرة الديموقراطية المتمثلة في مجلس الأمة، لذا، يجب ان يحجموا بكل وسيلة وان يلتزموا بالقوانين من خلال لائحة مجلس الأمة، واذا عجزنا عن ذلك فنطبق أحكام الدستور التي تمنع تسلط سلطة على اخرى.
فاضربوا بيد من حديد على هؤلاء الذين شاخوا على الشعب والنظام وعلى الشيوخ لأنهم استمرأوا السلطة وأصبحوا لا رقيب عليهم ولا حسيب، وأصبحوا يشعرون بأنهم هم أهل الرأي والنهي في البلد، لهم التدخل في كل شيء حتى خصوصيات البشر، فلنوقفهم عند حدهم، وليتحرك الشعب ويتصدى لهم في كل دائرة وفي كل ديوانية، ويرفضهم كوسطاء بين الشعب والسلطة فنحن نستطيع ان نعيش من دون أعضاء مجلس الأمة، ولكن لا نستطيع العيش دون سلطة ونظام حكم، تعارفنا عليه جيلا بعد جيل وصار الحاكم والمحكوم أحباء وليسوا أعداء كما يصورهم أعضاء مجلس الأمة، فهذه ظاهرة فرضت علينا بتعزيز من الطائفيين والفئويين والقبليين، فلنعد بالكويت الى ما كانت عليه سابقا كويت الوطن الواحد، والشعب الواحد، كويت لحاكم واحد، كويت المجد والإخاء وليست كويت الحقد والعداء.
اننا فعلا في حاجة الى وقفة قوية وعزيمة راسخة من صاحب السمو الأمير والد الجميع وحاكم الجميع ومحب الجميع، لأننا أحببناه وهو يحبنا، وانطلاقا من هذا الحب نستصرخه بأن يضرب بيد من حديد على شيخة مجلس الأمة، ويحمي الكويت من شرورهم واضرارهم وحمى الله الكويت، وأبقاها بلد الخير والأمان والمحبة.