عبدالرحمن العوضي
هذه الايام المزايدات كثيرة، ودغدغة عواطف الناس في جميع وسائل الاعلام ومحاولة الكسب غير القانوني اصبحتا همّ الكويتيين، لأنني اعتبر ان محاولة أي شخص الاستدانة بأي شكل من الاشكال دون ان تكون لديه القدرة على تسديد دينه هي نوع من اللعب على القانون حتى يمكن ان نسميه التسول القانوني.
مع الاسف الشديد نجد الحكومة عاجزة امام هذه الزوبعة المثارة في مجلس الامة وفي وسائل الاعلام المختلفة التي تهيج الناس وتعدهم بأمور غير معقولة، وتشجع على الاقتراض للرفاه والاستهلاك غير المنطقي.
فكيف يا ترى يقبل الانسان على نفسه ان يشتري الكثير من المواد الاستهلاكية بأسعار اكبر من امكانياته ثم يأتي ويحاول عن طريق الضغط البرلماني ان تتولى الدولة شراء هذه المديونيات، وقد رأيت الكثير من هؤلاء الناس الذين غرقوا في ديون كثيرة اغلبها صرفت على وسائل الرفاه، فنجد ان احدهم راتبه لا يتعدى الـ 500 دينار يشتري سيارة أقساطها الشهرية تصل الى 350 دينارا ويعيش بصورة مزرية طوال ايام الشهر لأنه عاجز عن تلبية احتياجات اسرته، بل نجد البعض يتسولون بصورة او بأخرى مباشرة او عن طريق القروض التي استعملوها للحصول على اي مبلغ كان، ما دام هذا المبلغ يأتي من دون التزام.
الامر يحتاج الى تدخل الحكومة قبل ان تقع هذه الكارثة، ويقال ان اعداد من لديهم مديونيات من الكويتيين تصل الى 400 الف شخص على ذمة احد اعضاء مجلس الامة الذي استمعت اليه على احدى القنوات الفضائية، فاذا قامت الحكومة بدراسة وسائل منع الوقوع في هذه الديون فلن نجد من يعاني ومن ثم تعاني اسرته الضائقة المالية التي يوقع نفسه فيها، ويشارك في ذلك ايضا البنوك التي تمنح قروضا من عشرة اضعاف الى خمسة عشر ضعف قيمة الراتب، ويتم ذلك عن طريق وضع اعلانات كبيرة على جانبي الشوارع تغري الانسان بالاقتراض، وعندما يعجز المسكين عن دفع ما عليه يصادر اغلى ما عنده ويباع بأسعار بخسة، الامر الذي يضطر المقترض الى ان يستدين مرة اخرى ويدخل في الحلقة نفسها التي اوقع نفسه فيها في السابق.
فهل يا ترى من المعقول ان يصبح جميع الكويتيين من اصحاب الملايين ونراهم يتصرفون بهذه الصورة رغم انهم يقترضون المبالغ من اجل الصرف على المظاهر، فلا يجوز ابدا ان نسمح لهؤلاء الناس بأن يلقوا بأنفسهم الى التهلكة، ويأتوا من فترة الى اخرى عن طريق ممثليهم في المجلس يحاولون ابتزاز الحكومة وتشجيع الناس في محاولات اسقاط القروض او شراء المديونيات، وهذا امر في الحقيقة يجب ان نقف ضده رحمة بالناس انفسهم، والمثل المعروف يقول «مد رجولك على قد لحافك»، فلا يجوز ابدا ان ندعي شيئا لا نملكه ولا نتظاهر بالغنى ونقع في ديون تثقل كاهلنا.
من واجب الحكومة التوجيه والنصح بأن تأمر البنوك بعدم القيام بمثل هذه الاغراءات، لأن اغلب هذه البنوك عندما تعجز تستجدي الدولة لانقاذها كما هو الحال في ايامنا هذه، وقبل ان نقع في هذه الازمة وفقا للمثل المعروف «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، فالمفترض ان نضع النقاط على الحروف، وان نحمي بلدنا وشعبنا من مثل هذه المخاطر التي تظهر لنا بوضوح اننا نعيش حياة اصطناعية لا تنم عن واقعنا، واذا ابتعدنا عن الواقع فمصيرنا الهلاك والتسول وكما نعرف فإن الدين هم بالليل وذل بالنهار، وارحموا الناس من هذه الآفة.