د.عبدالرحمن عبدالله العوضي
لقد توقفت عن الكتابة وأنا أحترق يوميا من الداخل لما أراه من اللعب بالنار، وإثارة الغبار على كل قضية يثيرونها، وكان هدفهم منع الرؤية لكي لا تتبين الحقيقة.
يكفي هذه الادعاءات المبالغ فيها فلم نسمع في العالم أن مبلغ 300 مليون دينار تضخم حتى وصل خلال سنتين إلى 13 مليار دينار.
ألا تخشون تصديق الناس لهذه الأرقام المتضخمة؟ ألا تخشون ممن يتربصون بالكويت؟ ويعتقدون أن الفرصة مواتية للإضرار بالكويت وإيذائها لدرجة أن صاحب السمو الأمير حفظه الله قد حذرنا من هذا المنزلق السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يظهر يوميا في وسائل الإعلام المختلفة التي أصبح الآن ميسرا للجميع وكل فرد يستطيع أن يقول ما يريد وحتى يتبين الإنسان الحقيقة تكون الفرصة فاتت والخراب والدمار قد أصاب الفرد في المجتمع.
المصيبة أن الأمر لا يقتصر على بعض المغردين والمغردات وبعض تجار السياسة وتجار الأزمات، ولكن حتى مجلس الأمة يشاركهم في مثل هذه الأزمات التي يخلقونها دون النظر إلى ما سيلحق الوطن من إيذاء، حتى إن استقالة بعض أعضاء المجلس التي تدور حول موضوع لم يكن يحتاج إلى مثل هذه الدرجة من التضخيم، وكان بالإمكان لو أنهم أحالوا الخلاف بين السلطتين لمسؤولية رئيس مجلس الوزراء عن القضايا العامة، كذلك كانت المحكمة قادرة على إجابتهم عن هذا السؤال لو لجأوا إليها.
وعندها يخضع الجميع لحكم هذه المحكمة ولكن حتى الآن ورغم الهمز واللمز عنها في مناسبات عديدة، إلا أنها باقية كما عهدناها سلطة قادرة على التجرد وإحقاق الحق دون أي اعتبار لأي سلطة.
أما مجلس الوزراء فكان أبعد ما يكون عن المعمعة التي تدور في البلاد، لأن دور مجلس الوزراء كان دائما دورا فعالا يتدخل في الوقت المناسب قبل أن تتحول القضية إلى حديث الدواوين والصحافة وغيرها من وسائل الاتصال.
إن الأمر الثاني يتطلب أن يخصص مجلس الوزراء فريقا للتصدي ومتابعة كل هذه الفتنة والمكائد التي يريدها أعداء الوطن ويتاجرون بها مع أنهم كانوا يعلمون أنها كذبة لإثارة الفتنة فقط.
يا ناس هل تعلمون شيئا مما يدور حولنا؟ هل تعلمون الأزمات التي يعيشوها جيراننا؟ وهل تعلمون أن أي ضعف في دولتنا سيشجعهم على اغتنام الفرصة لإيذائنا كما فعل من قبل المجرم صدام حسين عندما أراد أن يغطي جرائمه ضد شعبه وأراد أن يحول هذا الصراع بينه وبين شعبه إلى قضية احتلال الكويت.
نعم هذا هو الذي أخشاه، فكل خلاف بيننا يتضخم ويكون له صدى كبير من حولنا، يعتقدوا بأنه نتيجة لضعف الأوضاع الداخلية وهي إشارة للتدخل الخارجي لا سمح الله، وليس كل مرة ننجح في العودة إلى بلدنا بعد أن أصبحنا لاجئين في دول العالم.
يا ناس رحمة بهذا البلد الطيب الذي أطعمنا من جوع وآمننا من الخوف حتى أصبحنا مجال حسد من كل من يرى رفاهيتنا ورغبتنا في المزيد من الرفاهية، كل هذه التصرفات تحسب علينا، وكل خطأ سيحسب علينا كذلك.
فلا داعي لهذه الأزمات، ولا داعي إلى زيادة الخلاف بين أبناء الكويت، الكل يجب أن يكون مؤمنا بهذا البلد ونظامه ووسائله المختلفة التي تمكن كل فرد من أن يصل إلى حقه ويعلم كل ما هو مخفي.
الكل مع الأسف الشديد وفي أغلب الحالات مضطر إلى اللجوء إلى المسائل القانونية لإحقاق الحق بدلا من خلق الزوبعات والقلق والخلاف بيننا.
الحقيقة الواضحة أن من ينشدون هذا الطريق أثبتوا خوفهم على أنفسهم وخوفهم على مصالحهم، وليس خوفا على الكويت، وكل هذا التبجح مردود عليهم وعلى أفراد المجتمع ألا يتصالحوا مع مثيري الفتنة.
والغريب أن البعض قد اتخذوا من عضوية مجلس الأمة تفويضا لإثارة الفتنة إلا أن هذه العضوية لن تبقى لأي عضو بصورة دائمة.
وأرجو من كل أعضاء مجلس الأمة أن يعلموا أن مسؤولية تمثيل الناس مسؤولية كبيرة، ولكن لا توجد وسيلة لمحاسبة من ننتخبهم من أعضاء مجلس الأمة خاصة إذا شطوا عن الصواب وضاعوا في الصراعات وجروا باقي أبناء الوطن إلى التهلكة.
كفوا عن مثل هذه الممارسات، فالكويت بلد لا يضيع فيه حق أحد والكل متساو أمام القانون، وعلينا أن نلجأ إلى الوسائل القانونية ونبتعد عن الفوضى وخلط حقوق السلطات حتى لا يصطاد أعداؤنا في الماء العكر. ويكفي أننا مازلنا نفتخر بما حققناه.
لا تجعلوا الناس يكفرون بالنظام الديموقراطي الذي ارتضيناه منذ الستينيات فجميع السلطات تؤمن بذلك، وهذا بحد ذاته مكسب أكثر ما حصل عليه الشعب الكويتي، فحافظوا عليه ولا تفرضوا عليه فقط ما يتلاءم مع أهوائكم ورغباتكم، فلا تفرطوا بأي شخص، ولا تفرطوا بأبناء الكويت ولو عصوا بعض الوقت.
وكان الله في عون الكويت، وحفظ الله الأمير وحفظ النظام الديموقراطي وإعطاء كل صاحب حق حقه، والله ولي التوفيق.