عبدالرحمن العوضي
حتى قبل فتح باب الترشيح، وقبل أن يصدر المرسوم الأميري الخاص بذلك، رأينا السجال والحوار العصبي في جميع صفحات الجرائد وجميع المنتديات في الدواوين والجامعات والفضائيات بصفة خاصة التي اصبح همها الوحيد اثارة الناس ضد الحكم واستمرار التأزيم، وكأن نواب التأزيم لم يكتفوا بما عملوه في المجلس السابق الذي امر صاحب السمو بحله، ولكن هناك أناسا استمرأوا في السلطة واخذوا يخرجون عن ادب الحوار ووصلوا بالحوار الى الحضيض.
ومثل هذا الامر ستكون نتائجه معروفة، ولذلك اخشى ان نقع في المطب مرة اخرى ونأتي بأعضاء مجلس امة جديد من نفس النوعية السابقة غير المبالية وغير المسؤولة عن مصير هذا الوطن وتحاول تفكيك اواصره واغراق سفينة الوطن قبل ان تبحر، وخاصة اذا علمنا ان الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية بحر متلاطم الامواج لا تستطيع الا السفن الراسخة التي يقودها اشخاص حريصون على سلامتها ان يبحروا بها.
يكفينا يا جماعة المهاترات، وقليل من الرحمة والاخلاق، وانا سعيد بأن ارى مجموعة من الشباب والشابات الجدد على الحوار الديموقراطي بأنهم افضل بكثير من اعضاء في المجلس السابق والذين اتخذوا من الصراخ والعويل والتهديد والقذف اسلوبا يتميزون به ويتسلطون بالحق والباطل على اعضاء الحكومة، وانا لا الوم اعضاء الحكومة اذا كانوا يخشون امثال هؤلاء لان الكلام معهم ضائع والحوار معهم لا يفيد لانك لن تستطيع ان تحاور من يبدأ من الاخير ينعتون اعضاء الحكومة، ومنهم معروف بالخيانة والفساد وغير ذلك من الاوصاف قبل ان يتأكدوا من هذه الاقوال الطائشة، وهذا النوع من الحوار لا يمكن ان نسميه بالحوار الديموقراطي الحر بل انه قذف واسفاه وتشويش، كفانا الله شرهم.
فالحرية يا اخوان لها حدود، ولها اصول ودائما تنتهي حرية الفرد عندما تبدأ حرية الآخرين، ولا يجوز ان تتعدى الحدود تحت شعار الحرية، واذا كانت هذه الحرية التي يعرفها اصحاب التأزيم فإننا لا نريدها بل نقول بملء افواهنا بأن الكويت قد سئمت من هذا المستوى من النقاش، وان الحرية التي اعطانا اياها الدستور هي حرية لا تعرفونها بل انكم قد اهنتوها بأسلوبكم السمج.
ومن هذا المنطلق فأنا ادعو اهل الكويت الى ان يعوا الازمة التي نعيشها، وان الثقة المتبادلة بين اهل الكويت وحكامها هي شعرة معاوية لا تتحمل الشد بالأسلوب الذي يسير به اصحاب الحناجر والاصوات العالية بل الهدوء والتفاهم والاختلاف دون ان تضيع المودة.
والا نتعالى في حوارنا عن الديموقراطية التي رسمها اباؤنا واجدادنا والدستور المثالي الذي نعيش تحت ظله، واتركوا المجال للوجوه الجديدة الذين سئموا مثل هذا الحوار، وافسحوا المجال لامثال هؤلاء الشباب والشابات المحبين للوطن الذين نطرب لاسلوبهم في طرح قضايانا ونسعد لمستوى فهمهم لهذه القضايا التي تهم الوطن وتخدم استقراره وتقدمه ونموه، اضافة الى استيعابهم لمشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هؤلاء هم جيل المستقبل والحياة التي يجب ان نرسمها للمستقبل، وان نتعلم من كل تجربة ماضية ادت بالكويت الى قرب الهاوية والتي اوصلنا اليها اصحاب الاصوات العالية وبطريقة مزعجة وهم من مدعي الاصلاح في حين انهم قمة الفساد والتخلف.
فمرحبا بالجيل الجديد من الليبراليين والمتدينين والمستقلين فهم الذين لا ينتمون الى اي مجموعة او فئة او قبيلة او طائفة محددة، بل ارجو ان يكون كل واحد منهم عنوانا لنهج جديد غير ملتزم لهذه التنظيمات بل يجب ان يكون ولاؤه للوطن ولا شيء فوق الوطن، وهنا تكمن الحرية التي ضمنها لنا الدستور واذا تحرر هؤلاء الشباب والشابات من هذه القيود البغيضة، وانتسبوا جميعا الى حب الوطن والولاء له دون تفريط بأي قيمة من قيمنا وتمسكوا بالدستور الذي ارتضيناه بين الحاكم والرعية وهو دستور قلّ ما يوجد مثله لانه صناعة كويتية، وهي دائما متميزة، فأرجو ان نحافظ على هذا التميز والتقدم والرقي، فأهلا بالدماء الجديدة، وطوبى لكل من وضع لبنة في بناء الكويت لتتقدم وتسترجع امجادها التي عرفت واشتهرت بها، وحفظ الله هذا الوطن من كل مكروه في ظل صاحب السمو الامير وولي عهده الامين.