عبدالرحمن العوضي
كثرت في الأيام الماضية الاعتقالات لبعض المرشحين بتهمة التعرض باتهامات قاسية للأسرة الحاكمة والمسؤولين في الحكومة، وقد تحول اعتقال هؤلاء إلى مظاهرات وتهديدات للأمن، وبعد فترة قصيرة تطلق النيابة سراحهم لقاء كفالة بلغت لمعظمهم 5000 دينار، وأغلبهم عندما يطلق سراحهم يستقبلون استقبال الأبطال في مسيرات شعبية ويحملون على الأعناق، وأول تصريح لهم إصرارهم على كل ما قالوه عن المسؤولين والذي اعتقلوا من أجله.
وكأنما نقوم بمثل هذا العمل لإبراز صورة هذا المرشح الذي يهدد الحكومة حتى قبل تشكيلها. ولديه النوايا المبيتة لاستجواب المسؤولين ـ والله يكون في عون وزير الداخلية إذا كان سيعود للحكومة القادمة، فاستجوابه جاهز بعد جلسة الافتتاح مباشرة.
يا ناس هذا أسلوب خاطئ، فإما أن يكون اعتقال الفرد بسبب اقترافه جريمة محددة يعاقبه القانون عليها، أو لا يكون الأمر كذلك. ولا داعي لاعتقاله وعمله بطلا على حساب الحكومة إضافة إلى أنها عبارة عن دعاية انتخابية مجانية للمرشح ضد الحكومة.
والسؤال أهذا هو المطلوب؟ أم أننا نتخبط كالعادة عندما نتصدى لمثل هذه التصرفات المدانة قانونا لو عرفنا كيف نطبق القانون، وأنا على يقين من أنه إذا أحالتهم النيابة إلى المحكمة فإن حكم المحكمة ضدهم واضح ومضمون بالبراءة، وكأن الحكومة لا تعرف كيف تطبق القانون.
فاتركوا هذا التصرف إذا لم نكن على مستواه، لأن الكويت لا تتحمل كل يوم زوبعة، ولا داعي لتسخين جو الانتخابات الذي هو من دون شيء مشتعل، وما على الإنسان إلا أن يشاهد الفضائيات العديدة التي يظهر فيها المرشحون وطريقة أسلوبهم في النقاش، ويرى مطالباتهم، ليعلم أن بعض هؤلاء لم يرشحوا أنفسهم لمجلس الأمة من أجل تحقيق الرسالة البرلمانية. ويجب أن نعلم أن الممارسة البرلمانية ليست هي النهاية الديموقراطية بل جزء بسيط من ممارسة الحياة الديموقراطية، ودستورنا حدد لكل وسيلة من وسائل الديموقراطية الخطوات والإجراءات والمواد واللوائح القانونية التي تنظمها.
أرجو ألا نستمر في هذا الأسلوب، ونترك الأمر للشعب لكي يحكم على من سيأتي ليمثله في مجلس الأمة.
مع أن الناخب الكويتي ليس لديه أي سلطان على النائب بعد انتخابه. هذا الإنسان الحمل والوديع الذي يتودد للناخب ويؤمله بأحلام وردية، ويتعهد أمامه بذلك، وتنتهي علاقته به بعد انتخابه والدخول إلى المجلس، فعندما يصبح عضوا في مجلس الأمة يكون له برنامج آخر يهدف إلى تحقيق مصالحه الشخصية ناسيا مصالح ناخبيه.
وكما نؤكد دائما لا يمكن ان تكون هناك حياة برلمانية سليمة دون أحزاب، ولا تكون هناك ممارسة سليمة إذا لم تكن الأغلبية هي التي تدير شؤون البلاد، ولا يمنع أن يترأس هذه الأغلبية أفراد الأسرة الحاكمة، حيث إن من يصبح وزيرا فإنه ينفذ رغبات صاحب السمو الأمير ويلبي آماله وطموحاته، لأن الأمير يتولى السلطات التنفيذية من خلال وزرائه، فهذه العملية ليست بالسهلة، وعلى الوزير أن يكون على مستوى حمل هذه الأمانة، وعلى مجلس الأمة أن يساعد الوزير في تحمل هذه المسؤولية وتنفيذ البرامج.
أنا على يقين بأننا سنعود إلى الصراعات نفسها، وكما قال الأخ جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة السابق «ستعود حليمة إلى عادتها القديمة» وعندها بطبيعة الحال سنكون «لا طبنا ولا غدا الشر» وكان الله في عون الكويت.