حرام فعلا ما حصل للشعب السوري، هذا الشعب الذي كان يعيش في بلده مستقرا مكتفيا ذاتيا يعيش في أمان والكل يعمل من اجل بناء سورية.
وحتى لو اختلفنا مع النظام بأنه نظام ديكتاتوري قهري، وغير ذلك من الأوصاف التي نطلقها ـ مع الأسف الشديد ـ على كل دولة اذا اختلفنا معها أو إذا لم نكن نسير في ركابها، مع أن أغلب الأنظمة العربية يمكن تصنيفها بهذه الصفات إذا ما قسناها بمقاييس من يريدون ذم سورية ورموا بها في أتون حرب الشوارع، واصبح الناس بلا مأوى واصبح اكثر من ثلاثة ملايين لاجئ خارج سورية بالاضافة الى مليوني شخص داخل سورية يعيشون بلا مأوى ولا حياة كريمة بالإضافة إلى الآلاف من القتلى.
وهذا الأمر مع الاسف الشديد كان واضحا لدى الجميع بعد حروب أهلية مع النظام وتشكيل الجيوش الشعبية المستقلة التي تم تزويدها بالاسلحة من قبل بعض البلدان العربية حتى يطيحوا بالحكم، ونسينا ان الحكم ليس من السهل التنازل عنه وكل ما نسمعه عن مصائب الشعب السوري لا يتعدى ثلث ما يتعرض له من نيران حرب اهلية مع الاسف الشديد.
ان النظام باق ومستمر، حتى انه اجرى انتخابات بين المواطنين ورجال النظام في سورية واظهرت النتائج انهم صوتوا جميعا لبقاء الحكم واختاروا الاسد رئيسا لسورية بغض النظر عما تصنف به تلك الانتخابات.
قد يقول البعض ان هذا تزوير، ولكن مع الأسف الشديد فإن التزوير هو تهمة الضعيف والمهزوم، ومع ذلك فإن هذا الوصف ينطبق على كل الانتخابات العربية.
ونحن في الكويت ولله الحمد البلد الصغير مازلنا محميين من مثل هذه التهمة رغم صراخ المعارضة ومقاطعتها للانتخابات، واصبحوا الآن متأسفين ونادمين على مقاطعتهم لها، لأن النظام الديموقراطي الذي ارتضيناه سيستمر بهم ومن دونهم.
ونرى الآن انسجام البرلمان والحكومة تمثل في اصدار الكثير من القوانين المعلقة التي فيها فائدة للمواطنين، مع ادعاء المعارضة أن مثل هذه القوانين هي رشوة من الحكومة للمجلس.
وستستمر بطبيعة الحال مثل هذه الاتهامات وكأن المعارضة مقصورة عليهم فقط، وستسير القافلة وسيضيعون في معارضتهم حتى يعلموا ان لكل زمان معارضة تتناسب مع الوضع في اي نظام ديموقراطي وخاصة اذا استقر الوضع.
نعود الى سورية الآن والمأساة التي يعيشها السوريون وهم مشتتون في دول الجوار ومصر وانجلترا، حيث رأيت من بعضهم العجب العجاب من الشحاتين السوريين رجالا ونساء واطفالا مع ان منهم من حصل على بعض الأعمال الروتينية بأجور اقل في أماكن تواجدهم.
الا أن أغلبهم بطبيعة الحال يعيشون في مخيمات تعتمد على المساعدات التي تبرع بها الناس لهم.
وكلما سألت احدهم وجدت الدمعة تسبق الجواب وهم يتحسرون على وضعهم وكم يتمنون لو انهم ماتوا على ارضهم وعاشوا في حطام منازلهم بدلا من الخيام ووسائل العيش الأخرى التي بالكاد تحميهم من البرد والأمطار وظلم الناس لهم وأولادهم محرومون من التعلم ومشردون يفترشون الأرض ويلتحفون بالسماء.
وكأننا نسينا ما حدث للفلسطينيين ودعوتهم للجيوش العربية للتدخل لنصرتهم ولكن تدخل هذه الجيوش حولت اغلب الفلسطينيين الى لاجئين يعيشون تحت رحمة ومنة الوكالة الدولية لغوث اللاجئين.
فالصورة لا تختلف عنهم، فأغلب الفلسطينيين يتمنون لو انهم بقوا في ارضهم وحاربوا بما توافر لديهم من إمكانيات بدلا من دعوة الجيوش العربية التي تبين ان اغلبها قد خان القضية وتركوهم في ملاجئهم ـ مع الأسف الشديد ـ وصاروا يعيشون بهذه التعاسة لأكثر من 60 عاما.
وكنت أسأل الرجال منهم في بعض المقاهي: ألم يكن وطنكم افضل لو تثبتم في حطام منازلكم حتى لو قتلتم عندها كان افضل من ان تعيشوا مشردين وتموتوا الموت البطيء من البرد والجوع والأمراض؟، وكان اغلبهم تدمع عينه ويقول يا ليت لقد اخطأنا ولعل ما نحن فيه هو عقاب لنا أم أن نكون نسينا الله فأنسانا أنفسنا.
مهما كانت الظروف فلا حل للقضية السورية إلا بالمباحثات والنقاش ولا تفكر المعارضة المنشقة على نفسها بأنها قد تستطيع التغلب على الحكم، ولو وصلنا إلى تلك المرحلة بالنصر كما تريد فستكون سورية الحبيبة قلب العروبة النابض قد تحولت الى حطام كامل.
فكروا قليلا وارجعوا إلى ضمائركم وأعيدوا النظر في استراتيجيتكم سواء أكانت المعارضة أم الدول التي تساعدهم فلن تصلوا الى حقوقكم التي فرطتم فيها إلا بعد أن تحل بكم الكارثة جميعا، ها قد بدأت الأوضاع تسير نحو الكارثة حيث ان الشعب السوري يعيش بين المتطرفين والمغرر بهم من العرب.
بطبيعة الحال هذا امل كل إنسان يؤمن بالإنسانية وليتها تتحقق، عودوا الى رشدكم وحاولوا الحوار ثم الحوار فالحوار ولو كان مع الشيطان لان الاوطان لا يجوز التفريط فيها ولا ان تكون محطة تجارب للأسلحة المختلفة من الدول الصديقة والعدوة.
وما لنا غير الدعاء لكم الى الله، وكان الله في عون سورية وأهلها الطيبين المناضلين من أجل البقاء وعسى أن يأتي الفرج قريبا.