د.عبدالرحمن العوضي
ما شاهدناه الأسبوع الماضي حول المستوى المتدني الذي وصل إليه الحوار بين اعضاء مجلس الأمة والاساءات الشخصية التي وجهها بعض الأعضاء لبعضهم الآخر وانحدار الحوار الى مستوى ما يسمى بـ «الحوار الشوارعي».
باعتقادي انه اذا كان الحوار سيستمر بهذه الطريقة ونفضح انفسنا على الهواء فهذا امر مشين ويهين الكويتيين جميعا ولو كان الامر مقتصرا على حوار داخل قاعة عبدالله السالم المغلقة لما أساءنا ما حصل وشاهدناه من اسلوب النقاش لدى بعض الاعضاء.
لا اعرف لماذا وصلنا الى هذا المستوى؟ هل هو بسبب سوء اختيار الاعضاء او بسبب نقل الجلسات على التلفزيون، حيث ان اغلب ما نسمعه في كلام النواب لا يتعدى دعايات انتخابية، فكل واحد منهم يوجه كلامه الى ناخبيه، ولا تهمه مناقشة مصلحة الوطن والسعي لإصدار التشريعات التي تيسر امور الناس، والبدء في مناقشة خطة التنمية والتأكيد على ان المستقبل هو الذي يهمنا والتجريح سواء كان في قضايا محلية او التعدي على جيراننا بكلمات نابية كلها ستؤدي الى الاضرار بالوطن ومصالحه.
أم أن السبب في تساهل رئيس مجلس الأمة وعدم استعمال الوسائل التي تحت يديه لإيقاف كل نائب عند حدوده، وعدم السماح بأي شكل من الأشكال بالتعدي على حقوق الغير، قد يقول البعض إن الرئيس محرج لأنه منتخب من أعضاء المجلس ويريد ان يحافظ دائما على علاقة طيبة مع كل عضو ولكن مثل هذا التساهل مع بعض الاعضاء يجعلهم يخرجون عن ادب الحوار ويتعدون على الناس من دون اي حدود لذلك.
ام ان السبب هو ضعف الحكومة وعدم استطاعتها ايقاف كل عضو عند حده، لأن اللائحة الداخلية تعطي الحق للوزير في ان يتدخل وقتما يشاء لتخفيف الحدة في كلام النواب كما انه يساعد رئيس مجلس الأمة على التدخل لإيقاف الحوار والحد منه بصورة عامة، او يا ترى ان الحكومة يسعدها ان ترى الهجوم بين اعضاء مجلس الأمة بدلا من هجومهم على اعضاء الحكومة حسب المثل الذي يقول «الله يحط حيلهم بينهم».
لا أوافق على مثل هذا التوجه لأن هناك قواعد أخلاقية فوق كل القوانين والأنظمة لحفظ علاقة الإنسان بأخيه الإنسان.
أنا على يقين بأن الكثيرين من أعضاء مجلس الأمة يسرهم حرية الهجوم والاتهام من دون رقابة، ولكن هذا النوع من الشعور الذي يجعل النائب يعتبر نفسه فوق القانون والأخلاق في نظري هو نهاية للحوار الديموقراطي في قاعة عبدالله السالم، ويكفينا اسم الشيخ عبدالله السالم الذي وافق على هذه الحياة الديموقراطية واعطاء الكويتيين هذا المتسع من الحوار والحرية في الكلام.
ويجب ألا نخيب آمال ذلك الإنسان الكبير الذي ارتضى النظام الديموقراطي كأسلوب حياة لأهل الكويت، وان يحترموا كل من يدخل قاعة عبدالله السالم رحمه الله بأنه في محراب وضع لكي يمارس حياة ديموقراطية مقدسة وليس اتهاما لأشخاص والتعدي باللفظ المسيء وغير ذلك من مساوئ الحوار غير الديموقراطي، او يا ترى ان من وضع الدستور لم يكن يتوقع ان يصل مستوى أعضاء مجلس الأمة الى ما نشاهده هذه الايام.
وليعلم كل واحد من أعضاء مجلس الأمة ان حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، فاحترموا أنفسكم حتى نحترمكم كأعضاء ممثلين لنا، وتذكروا نحن من أتى بكم الى هذه القاعة وبيدنا منعكم في المرات المقبلة، حافظوا على الكويت واحترموا الناس، واعلموا ان في ذلك قمة الديموقراطية.