إن ما يدور على الساحة السورية لا يمكن تسميته إلا حرب إبادة، ولكن لا نعرف سبب كل هذا الظلم الواقع على هذا الشعب العربي الأصيل الذي كان مفخرة من مفاخر الأمة العربية، إلا أن الكل متكالب عليه قتلا وتنكيلا وتدميرا لمنازله وتشريده بالصحاري المحاطة بسورية.
لم يعد مقبولا في نظري أن تسمى هذه الحرب بأنها ضد الأسد ونظامه، لأن الادعاءات الجانبية الكثيرة، والفرق المتطرفة هي الآن سيدة الموقف. فالقتل بين بعضهم البعض والقتال في سورية أصبح جانبيا رغم كل الادعاءات التي نسمعها ممن يسمونهم بجيش التحرير، مع أن هذا الجيش غير متفق مع بعضه البعض. فالنتيجة الحتمية تكون بأن القاتل الحقيقي هو الشعب السوري وفي الوقت نفسه هو المقتول. فهو مقتول بهدم مساكنه، وهو مقتول بحرمانه من متطلبات الحياة، وهو مقتول عندما شردوه في خيام لا تليق بالحياة الإنسانية. ودائما ما يهددونهم بأن المبالغ المتوافرة لإعاشتهم قد انتهت، حتى ان المنظمة العالمية المسؤولة عن ذلك قد أعلنتها رسميا واعتبرت بأن أعدادهم قد فاقت كثيرا ما كان مخططا له.
هذا هو الحال إذن، حال إخواننا وأخواتنا وأطفالنا في سورية لقد أصبحوا دون مستقبل، لأن هذه الحرب الحمقاء لن تبقي لهؤلاء الأطفال أي وسيلة للاستمرار في دراستهم حتى لو عادوا إلى مدارسهم المدمرة في سورية، لأنه عندما يعود هؤلاء الأطفال إلى بلدهم بعد التشرد سيكونون بشرا آخرين غير المعروف عن السوري من كفاح وعزة نفس الى ان وصل به الأمر إلى أن يمد يده إلى الشحادة بعدما كان يعيش قبل تدمير بلده حياة كريمة ومستقبلا واعدا لحياته وكيانه.
قد يتساءل الإخوان فما الحل إذن؟
يكفينا الحلم في أن تعود سورية كما كانت لأن سورية التي عرفناها قد انقرضت تقريبا، فحتى الأرض التي يعتاش عليها تم تدميرها وسيشعر بخيبة أمل كبيرة في حياته وفي حياة إخوانه العرب الذين كانوا سببا في تشريده وتدمير حياته رغم قسوة الحياة التي كان يعيش فيها تحت قيادة نظام حاكم متسلط، إلا أن الشعب كان يعيش في أمن وأمان، ويأمل في أن يكون غده أفضل من يومه.
ولكن ما حدث له زلزال سببه أهل سورية وبعض الإخوة العرب المتطفلين على حياته، دمروا سورية الأمل التي كانوا يعيشونها، وكان الأفضل أن يتحملوا قسوة الحكم لأنه لا يوجد حكم دائم، فالإنسان هو الذي يزول وأما الأوطان فتبقى. فهل هناك إذن أمل لنحقق الحلم لهذا الإنسان السوري المظلوم؟ وهل الأمم المتحدة والتنظيمات المختلفة تستطيع أن تنهض ولو لمرة واحدة في خدمة الإنسان؟ أم أن الإنسان العربي لا قيمة له؟ ولكن رغم ذلك فإن إحساسه بذلك الحلم كبير وعلى الأمم المتحدة أن تقوم باستخدام القوة للاستيلاء على سورية كاملة ومن ثم تطرد جميع الدخلاء الذين ساهموا في تدمير سورية ويأتون بنظام انتقالي جديد لمدة 5 سنوات للإشراف على عوده الإخوان المشردين، وعلى توفير الغذاء والمعيشة لهم وجمع الأموال لإعادة بناء منازلهم ومواطن حياتهم المختلفة، وبذلك تكون الأمم المتحدة قد قامت بواجبها، وإلا فإنها تكرر ما فعلته باللاجئين الفلسطينيين عندما اكتفت بإنشاء منظمة الأونروا لتسيير أمور اللاجئين الحياتية مع من بقي من الفلسطينيين في بيوتهم تحت الاحتلال الإسرائيلي.
هل يتحقق هذا الحلم؟ أم أننا سنظل نعيش على الأحلام وتُدمر حياتنا، ونبقى دون مستقبل، ولا نعرف على أي دولة سيكون الدور، لأن العالم جميعا مع الأسف الشديد أصبح لا يتضامن مع أي دعم أو مساعدة للشعب العربي، ولا أعرف ما السر. الذي أخشاه ان إهمالنا لأنفسنا والتقليل من شأننا يستحق الإساءة إلينا وظلمنا وتشريدنا.
هذا ما أخشاه، ومن هنا أهيب بالأمة بأن تقف جميعا صفا واحدا ضد إبادة الشعب السوري، ولنترك أمورهم بين أيديهم ليفعلوا ما يريدون لبلدهم بعد أن نوفر لهم سبل الحياة الكريمة. والله كان في عونهم.