مع الأسف الشديد، الصراع على الساحة السياسية ماض بسرعة ويقودنا إلى الهاوية، وكم هي قريبة هذه الهاوية، وظروفنا السياسية المحيطة بنا ستقلب الأمور رأسا على عقب إذا مضيتم في هذا الصراع لتحقيق لا شيء في نظري.
فما يدور في المجلس الآن من كلام بلغ أقل من مستوى توقعنا ورأيناه في تاريخ المجلس السياسي، لقد كانت العلاقة دائما علاقة محترمة بين أعضاء الحكومة والمجلس حتى بين أعضاء المجلس بعضهم ببعض.
لا أعلم لماذا وصلنا بحوارنا إلى هذا المنحدر ولا اعرف لمصلحة من هذا النوع من التطاول والهجوم على بعضنا البعض دون إبداء أي احترام للشخص المقابل؟!
كنا نقول دائما الأخ العضو المحترم اذا خاطبنا العضو في المجلس وكانوا يردون علينا دائما بالاحترام والتقدير لأنه كان هو القياس الذي رسمه لنا الدستور من اجل ان يكون الحوار مباشرا ولا يحتوي على أي ايذاء، وكان المرحوم الشيخ جابر العلي كلما صدرت كلمة بذيئة من أحد النواب يعترض مثيرا نقطة نظام ويطلب من المجلس أن يدعو كل عضو في الحكومة سعادة الوزير المحترم وان يكون الرد دائما الأخ العضو.
واستمر الأمر على هذا الوضع لسنوات إلا في هذه السنة سمعتها في إحدى الجلسات حينما دب الخلاف في الحوار بين عضو مجلس الأمة وآخر، وعندما تدخل احد الوزراء رفع صاحبنا الصوت وهو ينادي على شخص بأوصاف ـ مع الأسف ـ لا تليق، يجب أن ينادى العضو باحترام بحسب ما رسمه لنا الدستور كأسلوب حضاري للمناقشة لان الدستور هدفه الأصلي ان ننتقل حضاريا ولا يمس أحدنا الآخر ولا يخاطبه إلا بالصورة الحسنة.
لقد وصل الأمر في نقاشنا الى درجة الإسفاف والإساءة الى بعضنا البعض، هذا الخلاف بادرة تنم عن الخطر، ويجب على رئيس مجلس الأمة ان يتدخل فورا ويحافظ على مستوى النقاش والحوار حتى لا تسوء العلاقات بين بعضنا البعض.
هذه العملية في نظري عملية نظامية وهي عملية ترتبط بديننا الحنيف الذي يرفض الإسفاف والانحدار بلغة الحوار، لأن هذا الأسلوب الجديد يعكس ما يدور في الساحة.
فهذا ليس هدف وجود مجلس الأمة او غيابه او اجراء انتخابات لأن كل هذه الانتخابات والإجراءات، كل هذه، يجب ان تنقح وبالتالي تهذب من ادب الحوار لتبقى العلاقة بيننا على احسن مستوى.
ولكن ما يخيفني اننا قد وصلنا الى نهاية المطاف، واصبحنا نبحث عن الأخطاء بدلا من ان نصححها ونشرع لمنع الوقوع في الهاوية.
وهذا مع الأسف الشديد هو مطلب لمن لا يريد للكويت الخير.
وهذا حرام علينا فعلا، لأن المرحوم الشيخ عبدالله السالم كان يهدف ليس فقط الى تنظيم الحكم بل كان يهدف الى بناء الإنسان الكويتي القادر والمحترم في بناء الكويت وقيمه حتى يستطيع ان يحسن مستوى علاقتنا مع الخطاب، ونكون فعلا نستحق هذه الحياة البرلمانية التي أرادها، رحمه الله، ويستحقها الشعب الكويتي، ولا نصل في يوم من الأيام الى هذا الحوار وهذه الأحقاد الشخصانية التي يمتطيها البعض ليؤذي الآخرين ولو كان على حق.
رحمك الله يا عبدالله السالم وأسكنك فسيح جناته واليوم، ونحن نعيش اعياد الاستقلال والتحرير، نعدك بأن نرفض مثل هذه الشطحات والإهانات التي تستهدف دستورنا وليس اشخاصنا وحياتنا الديموقراطية.
وعاشت الكويت باذن الله كما تخيلها هذا الحاكم العظيم الذي نعيش وفق رؤيته الصائبة الى المستقبل.
داعين الله ان تعود هذه الأيام بالخير والأمن والأمان وان تلبس اميرنا وكويتنا ثياب العز والصحة والعافية، وكل عام وانتم بخير.