رحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز شامخا كعادته، وبكته القلوب التي احتضنها واحتضنته طوال مسيرته الانسانية.
رحيل رجل بحجم الأمير سلطان كان فاجعة للعالم بأجمعه وللإنسانية أينما كانت.
الأمير سلطان كان من القلائل الذين يصنعون التاريخ ليكون للتاريخ معنى وقيمة ودلالات من الصعب نسيانها، وكان رحمه الله من الذين لا ينسون.
بالمقابل هناك رجال أو يسمون هكذا، وهم ليسوا بالرجال، او بشهامة الرجال، وهم الذين يدخلون الى التاريخ من الابواب الخلفية الصدئة المنسية لأنهم يدنسون التاريخ!
قبل يوم من اعلان وفاة الامير سلطان، اعلن عن وفاة طاغية ليبيا معمر القذافي بميتة شنيعة، رقص الليبيون على أشلائه فرحا وسرورا، فقلنا: شتان بين موت المحب وبين وموت المكروهين، والموت واحد!
نقول هذا ونحن ندرك تماما أن هناك رجالا آخرين بالانتظار، لأن الموت حق، رجالا نتمنى لهم طول العمر مرفهين بالصحة والعافية، ورجالا نتمنى لهم الموت الشنيع، كما اولئك الطغاة الذين يقتلون شعوبهم وهم من الموت خطوات!
كنت اتمنى ألا يقتل طاغية ليبيا بالطريقة التي رأيناها، بل يقبض عليه حيا ذليلا مهانا، ليقدم الى العدالة، لأن الذين قتلوا ذلك الطاغية المستبد أعطوا للعالم انطباعا سيئا عن الثوار ومعنى الثورة، وهم الذين كانوا يطالبون بالعدالة والديموقراطية، والمحاسبة، لانهم فعلوا بالطاغية تماما ما فعل بهم، ليصبح الضحية والجلاد في مكانة واحدة.
نتذكر اعدام طاغية بغداد المقبور صدام حسين في يوم عيد المسلمين، وبمعنى هذا العيد تكمن الرحمة ومشاعر الفرح، لا ان يكون الطاغية شهيدا عند اتباعه، وعند السذج من الناس، وهذا ما حصل.
مثل صدام، أصبح القذافي، فقد شفعت لهما طريقة موتهما حتى لا يكونا ذليلين كما كنا نتمنى،وليس كما يتمنيان، لأنه ليس في الموت مذّلة.
رأينا جميعا كيف شيع الامير سلطان، رحمه الله، ليوارى الثرى في وطنه معززا مكرما، وبموكب مهيب امام أنظار العالم، ولم نر في المقابل كيف دفن معمر القذافي تحت جنح الظلام في مكان مجهول في صحراء ليبيا، والفرق كان ساعات، ساعات دخلت التاريخ وأفرزت الرجال حسب هيبتهم ومكانتهم التي يستحقونها.