عبدالوهاب الفهيد
يقول استاذ العلاقات الانسانية «ليس جبليه» صاحب كتاب «كيف تتمتع بالثقة والقوة في التعامل مع الناس». «ابحث عن النجاح في أي اتجاه وفي أي فرع، وستجد ان هناك رجلا أو امرأة ممن أتقن موهبة التعامل مع الناس، ستجد شخصا يتمتع بطريقة للتواصل مع الآخرين».
انا اعتقد بان التعامل مع الناس موهبة فطرية عند بعض الناس، كما اعتقد بانه فن بالامكان ان يجيده كثير من الناس.
وأعتقد كذلك بان رئيسة قسم منع العدوى بوزارة الصحة د.عرفات الأربش قد منّ الله عليها بهذه الموهبة... فهي علاوة على انها تتقن التعامل مع الآخرين من موظفين أو مراجعين، تتمتع ايضا بمهارة «الإنصات» التي يفتقدها أغلب الناس، وخصوصا في مجال العمل الوظيفي. وقديما قال الشاعر:
من لي بإنسان اذا خاصمته
وجهلت كان الحلم رد جوابه
وتراه يصغي للحديث بسمعه
وبقلبه، ولعله أدرى به!!
وما دعاني الى هذا الكلام ان احدى الموظفات قد احست بالضيق الشديد من طريقة وأسلوب مسؤولتها في موقع عملها وأحست بعدم الاهتمام بها، على الرغم من ان هذه الموظفة من المتميزات في اتقان عملها، وكلما أرادت ان تتحدث مع هذه المسؤولة تجد انها لا تستمع اليها... ودائما مشغولة، وما عندها وقت، فما كان من هذه الموظفة الا ان ذهبت الى الادارة الرئيسية لمقابلة أي مسؤول في الادارة فصادفت د.عرفات ولم يكن لها سابق معرفة بها، وما ان دخلت مكتبها حتى وجدت الحفاوة والترحيب والابتسامة تملأ قسمات وجهها، وكأنها تعرفها منذ سنين، وأقبلت تستمع لتلك الموظفة حديثة التعيين، والابتسامة لا تفارقها ومضت معها مستمعة بإنصات عجيب لم تقاطعها بفكرة أو بكلمة، ثم طيبت خاطرها، وهدأت من روعها، وأرشدتها بكل عناية وطيب لأنها ادركت ان هذه الموظفة تريد من يستمع لها، تريد ان تتكلم بعفوية وصراحة وصدق عن هموم العمل أو أي شيء آخر، فلم تجد من يتقن فن التعامل معها أو مع غيرها وهذا ما جعلها تنفجر غضبا وضيقا.
والحقيقة ان كثيرا من علماء الادارة يرون ان بيئة العمل يجب ان تكون صحية بعيدة عن الاحباطات والتوترات التي تهدد الموظفين بالدرجة الأولى.
ومن الشائع في بيئة العمل عندنا ان أغلب المسؤولين لا يملكون مواصفات القيادة الحكيمة للقسم الذي هم فيه. فمن مواصفات القائد الاداري الناجح ان يحسن الانصات، ويتمتع بمهارات الحديث والكلام والرد والبدل، لأن من مهامه بالدرجة الأولى التوجيه والارشاد ورفع معنويات العاملين لديه، واذا افتقد هذه المواصفات الضرورية خرج من دائرة النجاح في مسؤولياته.
كما اننا بحاجة الى القيادي الاداري الذي يعطي اهتماما للعاملين لديه (الموظفين) بقدر ما يعطي العمل ذاته.
فالقيادة لها معنى انساني رفيع، لأنه أولا وأخيرا نحن نتعامل مع بشر يعتريهم ما يعتري الآخرين من قوة وضعف ومشاعر وعواطف وهموم.
فالانسان يطمح الى ان يشعر بالسعادة والنجاح في عمله وفي مركزه الوظيفي بقدر ما يشعر بها في أماكن اخرى. ولقد اثبتت بعض الدراسات العلمية انك لو تعلمت كيفية التعامل مع الآخرين ستكون قد قطعت 85% من طريق النجاح في أي من الأعمال والوظائف والمهن و99% من طريق السعادة الشخصية.
نبراس في طريق الناجحين (كل ما نريده من الحياة مجرد شيئين: النجاح والسعادة).