عبدالوهاب الفهيد
نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 17 الجاري تقريرا عن زراعة الافيون في العراق، حيث لجأ مزارعون عراقيون لزراعة الافيون بعدما وجدوا انهم غير قادرين على كسب ما يكفيهم بزراعة المحاصيل التقليدية، وتذكر الصحيفة ان محافظة ديالى المشهورة بأشجار البرتقال والرمان أبدلت الاشجار بزراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الافيون، وصرحت الصحيفة بأن تحول أمراء الحرب في العراق الى زراعة الافيون تطور ينذر بالخطر في العراق.
ويرى بعض الكتاب السياسيون وغيرهم ان العراق كان يعتبر قبل الاحتلال الأميركي - أي قبل 2003 - من الدول التي لا تعاني من مشكلة المخدرات، وخالية ونظيفة من الادمان على المخدرات، وبعد سقوط نظام صدام حسين انتشر وباء الادمان على المخدرات في المجتمع العراقي!
والحقيقة التي ينطق بها الواقع ان العراق انتشر فيه المخدرات قديما - حتى في زمن النظام الصدامي - باعتبار ان الادوية النفسية والمهدئات كانت منتشرة في المجتمع العراقي بصورة كبيرة، هذا بخلاف انتشار الخمور مثل العرق الذي هو جزء من الحياة الاجتماعية والبيئة العراقية، وقد أشار أحد الكتاب العراقيين المرموقين الى ان تعاطي العرق مع اللهو والطرب والسهر أحد خصائص الشخصية العراقية المرحة، فلا عجب ان ينتشر وباء تعاطي المخدرات بمشتقاتها، لأن البيئة العراقية مهيأة لهذا الوباء الادماني.
ومن المعلوم لدى كل من له دراية بعلم المخدرات والعقاقير المخدرة ان الادوية النفسية مثل الفاليوم، والماندريكس، والريتالين، والبابربيتيورات، والتي كانت منتشرة في العراق، وازداد انتشارها الآن مع انتشار الافيون ومشتقاته، تعتبر من ضمن المخدرات واستعمالها بدون وصفة طبية معتمدة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وقد ادرجت ضمن الاتفاقيات الدولية للعقاقير النفسية عام 1971، وما يعنينا ان العراق اليوم قد اصابه وباء الادمان على المخدرات، وينتشر فيه هذا الوباء بصورة كبيرة ومفزعة لدرجة ان المسؤولين في العراق بدأوا برفع اصواتهم منذرين بالخطر المحدق بهم بعد انتشار المخدرات.
ففي اكتوبر من العام الماضي كشف مصدر مسؤول في وزارة الصحة العراقية عن وجود ثلاثة آلاف حالة ادمان على المخدرات في احد مستشفيات بغداد وصرح ايضا مدير برنامج مكافحة المخدرات بوزارة الصحة العراقية بأن عدد المدمنين الباحثين عن علاج يتزايد بعد ان اصبح الادمان يؤثر على حياتهم، بل نجد ان بعض التقارير تحدثت عن الوضع في الجنوب بعد اجتياح زراعة الخشخاش في السماوة ومنطقة (بهريز) جنوب بعقوبة وغيرها، حيث اشارت الى وجود اطفال صغار في مقتبل العمر يبيعون المخدرات والبودرة في الازقة والطرق علانية.
فالعراق بلد قد هيئ ليكون موقعا لترويج وتوزيع المخدرات وممرا آمنا من الرقابة الدولية لنقل المخدرات الى اوروبا، وهناك استراتيجية للمافيا العالمية، لجعل العراق سوقا للاتجار غير المشروع بدلا من افغانستان، وهذا ما يفسر رغبة المافيا في زراعة الافيون في العراق بدل الزراعة التقليدية.