عبدالوهاب الفهيد
من المعلوم بالضرورة أن هناك كوارث طبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير التي تحدث في العالم، وهناك كوارث مفتعلة مثل الحروب وتخريب وتدمير البيئة بفعل الناس وإهمالهم للبيئة التي يعيشون فيها.
وكلا النوعين من الكوارث الطبيعية أو المفتعلة لهما آثار سيئة وعكسية، وهنا في الكويت مرت علينا الكثير من الكوارث البيئية الطبيعية والمفتعلة، وارتبطت تلك الكوارث بتاريخ الكويت حتى غدت تاريخا يذكر ويؤرخ ومن هذه الكوارث سنة «الطبعة» التي كانت عام 1871 عندما غرقت سفن السفر الكويتية في المحيط الهندي بين الهند ومسقط، وراح ضحيتها مئات الرجال من أهل الكويت وعشرات السفن التي خسرتها الكويت، ولشدة مصاب أهل الكويت بهذا الحدث سميت سنة الطبعة.
ومثلها سنة «الهدامة» عندما هطلت أمطار غزيرة في عام 1872 وتهدمت الكثير من البيوت المبنية من الطين وتشرد أهلها.
وقبلها سنة «الهيلق» وهي المجاعة التي أصابت عموم البلدان ومنها الكويت واستمرت 4 سنوات عجاف من 1868 الى 1871، وكذلك سنة «الجراد» أو الدبا كما يسميها أهل الكويت عام 1890 عندما هلك الزرع وغــيره بسبب الجراد وغزوها للكويت مما أحدث ذلك كارثة بيئية ظلت في ذاكرة التاريخ حتى سميت تلك السنة بسنة الجراد.
كما لا تنسى ذاكرة التاريخ الكوارث البيئية الصحية التي وقعت في الكويت وأفسدت على أهلها معيشتهم عام 1830 عندما حل عليهم وباء الطاعون قادما من بغداد ثم البصرة وانتقل منهم عبر الهاربين من أهل البصرة الى الكويت بعدما فتك بما يقارب المليونين نسمة من العراقيين وغيرهم، وهلك بتلك السنة ثلث أهل الكويت.
أما عن وباء الإنفلونزا وما يسميه أهل الكويت (أنف العنزة) فقد حصد 20 مليون إنسان في قارة أوروبا وذلك بعد الحرب العالمية الأولى عام 1918 وقد شاع هذا الوباء القاتل في العالم ولم يستثن منها الكويت، وبعدها تتابعت الأوبئة بعد الحروب التي حدثت مطلع هذا القرن مثل «وباء الجدري» عام 1932م ووباء السل (الدرن)، ونحن اليوم نعيش مع وباء خطير وهو انفلونزا الخنازير والذي مازال في أوله ولا نعلم آخره وكم سيحصد من الناس في العالم والكويت. ومازال الأطباء يطمئنون الناس بعدم خطورته وانه مرض عادي وغير خطير ومازلنا نتخبط في قراراتنا تجاه هذا الوباء الذي يشهد كل يوم يمر علينا عشرات الحالات، هذا عدا ما لا يعرفه المسؤولون من حالات، حتى أصبحت المستشفيات محل وباء لهذا المرض، حتى ان العاملين فيها ومنهم الأطباء مذعورون من الانفلونزا وكأنها طاعون العصر الذي جاء يتحدى الطب والعلم ومعطياته من أبحاث ودراسات.
وإذا ذهبنا الى التداعيات الصحية والوبائية في الكويت هذه الأيام فسنجد التلوث البيئي البحري الذي أحدثته مياه الصرف الصحي بعد اكتشاف الهيئة العامة للبيئة لارتفاع تلوث البحر الحاصل بسبب ارتفاع نسبة مادة الأمونيا في بعض الشواطئ والذي ينذر عن خطر قادم إن لم يتحرك المسؤولون.
ومن المصائب والعجائب ان المسؤولين في الدولة لا يتحركون حتى تقع كارثة أو زلزال يهز الجميع، علما ان مشكلة الصرف الصحي مشكلة قديمة برزت منذ سنتين تقريبا عندما اجتاح المد الأحمر خليجنا وهدد بنفوق الأسماك واعتبر ذلك كارثة بيئية، ثم اختفت المشكلة فترة من الزمن ثم عادت تطفو على السطح بصورة أكثر سوءا بتلوث ماء البحر عن طريق الصرف الصحي مما ينذر بكارثة بيئية وصحية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة: هل سيتحرك المسؤولون لتعديل هذا الوضع أم سنظل تحت رحمة الحلول الترقيعية ولا عزاء للمواطن؟