مازالت مشكلة ظاهرة الدروس الخصوصية في الكويت تشكل هاجسا مخيفا ينعكس على مستقبل أبنائنا الطلبة.
فمستوى معظم الطلبة متذبذب غير مستقر علما ان الطلبة أنفسهم في حالة من القلق والاضطراب بسبب المواد الدراسية من جهة، والاختبارات من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة ضعف مستوى بعض المعلمين، لذا يلجأ الطلبة وبمساعدة أولياء الأمور إلى المدرس الخصوصي بشكل رئيسي خاصة في المرحلة الثانوية رغبة في الحصول على درجات عالية أو على أقل تقدير النجاح بأي طريقة عند البعض الآخر.
وقد كشفت دراسة ميدانية أكاديمية عن واقع الدروس الخصوصية قدمها د.عبدالمحسن الصالحي ود.بدر ملك ود.لطيفة الكندري وكانت نتائجها مذهلة، حيث انها بينت مدى انتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا الكويتي لتصل الى حوالي 69% وأوضحت الدراسة رغبة أولياء الأمور في إعطاء أبنائهم الدروس الخصوصية بنسبة تصل إلى 86%.
وعندما نتساءل عن أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في الكويت نجد ان هذه الدراسة أكدت ان هناك أسبابا متعددة أوجدت مثل هذه الظاهرة وعززت انتشارها وعلى رأسها الرغبة في الحصول على أعلى الدرجات، والسبب الثاني كثرة عدد المواد الدراسية، والثالث صعوبة المناهج الدراسية.
كما وضعت الدراسة أيدينا على الجرح الذي مازال ينزف بغزارة وكأنه يدفعنا الى مفارقة الحياة، وكنا قد أوضحنا في مقالات سابقة ان هناك خللا في نظامنا التعليمي يؤثر بشكل قوي على مخرجاتنا التعليمية وتأتي هذه الدراسة لتؤكد هذا الأمر وتثبت ان هناك خللا واضحا.
ومما يعجب له المرء ان أبناءنا على صغر سنهم قد وضعوا أيديهم على هذا الخلل في نظرتهم البديهية قبل ان توضحه هذه الدراسة.
أتذكر انني سمعت أكثر من طالب وطالبة يرددون ان هناك مواد إضافية «ما لها لازمة» ندرسها، وتشكل عبئا على تخصصنا في مرحلة العاشر، فطلاب القسم الأدبي يفرض عليهم دراسة أربع مواد علمية إضافية الى موادهم الأدبية، والقسم العلمي ايضا يفرض عليهم دراسة مواد أدبية، وهذه الازدواجية والعشوائية في توزيع المناهج أثبتته تلك الدراسة وأكدت ان هذا الإجراء يعرض أبناءنا لفقد كثير من الدرجات التي تؤثر على درجاتهم ومعدلاتهم.
لهذا نجد ان ظاهرة الدروس الخصوصية تفرض نفسها على المجتمع بيد ان وزارة التربية تساهم في انتشار هذه الظاهرة بشكل أو بآخر، وهذا ما يوضح لنا لماذا لا يستجيب المعلمون والطلبة وأولياء الأمور الى تصريحات وإجراءات وزارة التربية عن ضرورة منع الدروس الخصوصية والحد منها.
وهذا ايضا ما يفسر لنا وجود الإعلانات عن الدروس الخصوصية في الصحف الإعلانية وفي الإنترنت وعلى حوائط الجمعيات التعاونية والأماكن العامة، وكأن وزارة التربية تنفخ في «جربة» مشقوقة.