الاصلاح كلمة تحمل معاني كثيرة وايجابية، فهي تشير الى الاعتراف بوجود عيب أو أخطاء قد وقعت فلابد من الوقوف أمامها لتصحيح المسار، حيث ان العمل الاداري السليم يتطلب الاستفادة من الاخطاء، لذا كان لابد من النظر اليها وتحليلها للوصول الى التشخيص المناسب لوضع الحلول والمقترحات والتوصيات وتلافيها مستقبلا، ولقد كان لحادثة مقتل المواطن الكويتي محمد الميموني، رحمه الله، دور في الكشف عن الخلل والتجاوزات في الجهاز الأمني، تلك الحادثة التي أماطت اللثام عن الكثير من الامور التي تتعلق بعمل الاجهزة الامنية التي أدت الى تصاعد وتيرة المطالبات بإصلاحات جذرية في الجهاز الأمني والتي أكدها معالي وزير الداخلية في أكثر من مناسبة والتي نأمل أن تكون فعلا لا قولا.. حقيقة لا وهما.
ولا شك أن أي اصلاحات لابد أن تسير وفق منهجية ادارية سليمة وبأسلوب يبتعد عن ردة الفعل والتي غالبا ما تكون ذات طابع الاستعجال، وهذا ما لا نريده، ولكن التأني والدراسة المتعمقة لأوجه الخلل هو ما نطمح اليه ونستطيع من خلاله اتخاذ القرار المناسب والذي سيكون له نتائج ايجابية لمصلحة الجهاز الأمني.
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على وقوع الحادثة الاليمة وما تخللها من لجان تحقيق برلمانية.. وأمنية أوفت بشكل سريع ما طلب منها وما توصلت اليه من نتائج ومقترحات حددت بعض مواضع الخلل، وكذلك الكتابات والمساهمات الصحافية التي ساهمت من وجهة نظرها في تحليل تلك الحادثة ووضع بعض المقترحات والتوصيات أيضا.
وان تلك المساهمات عملت من أجل هدف واحد وهو الوقوف على حقيقة ما حدث وكيفية التغلب على تلك الاخطاء والتجاوزات في العمل الأمني مستقبلا ومنع وقوع ضحايا وأبرياء مجددا! لإعادة الثقة للجهاز الأمني الذي أصيب بشرخ معنوي ومهني وإعادة الطمأنينة للمواطنين.
لذا لابد من التمعن في تلك الحلول والاستفادة منها وهذا بحد ذاته يعتبر البداية الصحيحة للاصلاح، بل يجب ان تكون من الاولويات التي يجب اتخاذها من قبل معالي وزير الداخلية لا لشيء الا انها في متناول اليد والمطلوب مراجعتها والطرق الكفيلة بتطبيقها على أرض الواقع، والتي نأمل أن تحد مستقبلا بإذن الله من التعرض لحياة آخرين، والمساهمة الى حد كبير في تطوير العمل الأمني.
من هنا تأتي الاهمية بأخذ تلك المقترحات محمل الجد ولا تهاون في دراستها والعمل بها، ولا يتم ذلك الا عن طريق الآتي:
تشكيل لجنة بأسرع وقت لدراسة الحلول والمقترحات والتوصيات وفق الآلية التالية:
ـ تكليف ادارة الاعلام الأمني بتجميع ما أسفرت عنه لجان التحقيق البرلمانية والأمنية، وكذلك مساهمات الكتاب في الصحف المحلية من اقتراحات وتوصيات وحلول.
ـ تصنيف تلك المقترحات والتوصيات وتحديد الجهات المتعلقة بها.
ـ احالة المقترحات والتوصيات بعد تصنيفها الى الجهات المعنية ذات العلاقة لدراستها ومدى امكانية تطبيقها وفق جدول زمني محدد وتحديد الاحتياجات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذها.
ـ تقوم اللجنة برفع تقريرها لمعالي الوزير للبدء بالتنفيذ وفق جدول زمني محدد نأمل أن يكون قريبا.
ـ تكليف ادارة الاعلام الأمني بتجميع ما نشر في الصحافة المحلية خلال الـ 6 أشهر الماضية على الاقل من قضايا أطرافها من منتسبي الوزارة وتصنيفها حسب جهة العمل والتحقق منها للوقوف على أوجه الخلل والتقصير أو التجاوز ان وجدت ورفع تقرير بذلك الى وزير الداخلية.
ـ على غرار مجلس الوزراء الخاص بتشكيل لجنة قضائية للتحقيق في قضية محمد الميموني... فإنه يفترض تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في حادثة الصليبخات وما تم فيها من تجاوز صارخ للصلاحيات وتجاوز كل الحقوق الدستورية والقانونية خلال تلك الحادثة وبشكل خاص ما تعرض له مواطن أعزل لتعد بدني ونفسي بغض النظر عما يكون قد ارتكبه من قول.. تجسيدا لمبدأ العدالة ومحاسبة المتجاوز وتأثير ذلك على الشباب ونظرتهم الى الاجراءات الحكومية التي ترى عدم العدالة فيما تعرض له.
أشير الى ذلك، حيث لم نسمع أو نقرأ عن أي اجراءات اتخذت، فإذا تم اتخاذ إجراءات بشأن تلك المقترحات ولم يتم الاعلان عنها لطمأنة الجمهور، فهذا بحد ذاته قصور إعلامي يحاسب عليه، واذا لم يتم اتخاذ أي اجراء، فهو الوقت المناسب لاتخاذ قرار لتفعيل تلك التوصيات وفق الآلية المذكورة أو أي طريقة أخرى لتحقيق الهدف المنشود وهو تسيير عجلة الاصلاح والاعلان عن ذلك لكسب ثقة الجمهور.
هذه بداية الاصلاح ومتى بدأ الاصلاح فإنه لن يتوقف، وستكون ايجابية ليس على الجهاز الأمني فقط، بل على مستوى أمن واستقرار المجتمع بإذن الله، وما هي الا البداية فمجالات الاصلاح كثيرة ومتشعبة.