يتميز الوطن العربي بموقعه الجغرافي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وما يمتلكه من ثروات طبيعية نباتية وحيوانية وسمكية وموارد مائية ومصادر الطاقة والمعادن وقوة بشرية ولغة واحدة وغالبية تدين بالإسلام، وقبل ذلك مهد لحضارات أمم سابقة، ومهد الأنبياء والرسل.
لم يشفع كل ذلك التميز بأن يكون العالم العربي مستقرا ولم ينعم مواطنوه بالأمن والاستقرار بل على النقيض للأسف، فنسبة عالية من الشعوب العربية تحت مستوى الفقر، ومثلها في نسبة الأمية، ومنذ مطلع القرن الماضي أصبح العالم العربي محط أنظار القوى الاستعمارية الأوروبية ووقعت غالبية دوله تحت نير الاستعمار الأجنبي الفرنسي والبريطاني والإيطالي والإسباني، واكتوى بنار التغريب إلى أن أتت الثورات العربية تكافح لنيل استقلالها من أجل الاستقرار ولكي تنعم شعوبها بالأمن وتحقيق تطلعاتها بالعدالة الاجتماعية والمساواة، وأيضا لم يهنأ العالم العربي وبدأ الصراع الداخلي فيما بين أبناء المجتمع وتبخرت آماله، وكانت الطامة الكبرى بسقوط أولى أوراق الوطن العربي عام 1948 باحتلال فلسطين وقيام دولة إسرائيل في قلب الأمة العربية وقدر لها أن تخوض حروبا فرضت عليها مع المحتل، خسرت خلالها الدول العربية الكثير من مقدراتها.
ولم يقتصر الصراع مع العدو الإسرائيلي، بل الوضع العربي للأسف ازداد سوءا بدخول العرب في صراع داخلي في لبنان، ومع إيران بحجة الدفاع عن البوابة الشرقية وانقلب الصراع للأسف إلى انقسام طائفي بغيض واتخذت بعض الدول العربية محاور متعددة لحماية أمنها، وما شهدته العديد من الدول العربية من اقتتال داخلي بالصومال والسودان منذ فتره ليست بالقصيرة ومازالت مستمرة، وما يحصل الآن من اقتتال متصاعد في العراق وليبيا واليمن وسورية وانتشار المنظمات الإرهابية فيها، حتى أضحى العالم العربي ممزقا وتتساقط دوله الواحدة تلو الأخرى في فوضى غير مسبوقة والنتيجة تشريد الملايين من أبنائه في ظروف معيشية صعبة
هذه الأوراق المتساقطة من الوطن العربي ما كان يحدث لها أن تحصل لولا التدخلات الخارجية والتحالفات الداخلية مع الخارج، مما أدى ذلك إلى الاحتراب الطائفي المقيت، نعم هذا هو حقيقة الوضع العربي الآن والذي تتصدر أحداثه تحالف قوى عربية متعددة مع إيران لبسط سيطرتها وهذا واضح للعيان في كل من سورية والعراق واليمن ولبنان وبتصريحات رسمية عربية وإيرانية، ومن محاولات التدخل في الشأن البحريني وتأثيرات ذلك على الاستقرار والأمن في منطقة الخليج، والتي للأسف تلوح في الأفق محاولات للإخلال بأمنها مما سيؤدى بلا شك إلى عدم استقرار، ولا يخفى أن ما يحدث في العديد من الأقطار العربية نتيجة لانقسامات مجتمعية ومذهبية وولاءات خارجية وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة فيها لها تأثيرات على الاستقرار حيث لا يمكن أن تتحكم طائفة وتفرض سيطرتها على طوائف أخرى بقوة السلاح والذي أدى إلى الاقتتال الداخلي.
إن العالم العربي في أسوأ حالاته ومن أسوأ إلى أسوأ حتى أصبحت أخباره في صدارة الأخبار العالمية أما نحن الشعوب العربية فننتظر متى تسقط ورقة أخرى من شجرة الوطن العربي العزيز، ما لم يتم تدارك الأمر والحفاظ على ما تبقى من الأوراق.
***
الجميع دون استثناء مدعو للتجاوب مع قانون جمع السلاح وعدم التردد أو التأخير في تسليم أي قطعة سلاح للحفاظ على أمن واستقرار المجتمع ولنا فيما يحدث في بعض أقطار الوطن العربي العبرة.
[email protected]