في خطوة مفاجئة ودون أي تمهيد، وافق مجلس الأمة، وبأغلبية كبيرة، على مشروع بقانون بمداولتيه الأولى والثانية في جلسة واحدة لتعديل القانون رقم 35/1962 المتعلق بالانتخابات العامة بمنع من يتعرض للذات الإلهية والنبوية والأميرية وتتم إدانتهم من حق الترشح والانتخاب لعضوية مجلس الأمة، وما تبع ذلك من ردود أفعال معارضة لهذا التعديل ولغط باعتباره موجها لفئة محددة من الناس، وما يتم تداوله عبر وسائل الاتصال الاجتماعي بأنه موجه لشخصيات سياسية بعينها، كما تناول العديد من القانونيين بوجهات نظر مختلفة هذا التعديل واعتباره مخالفا للدستور، ولم يقتصر الأمر على هذا بل إلى توجيه مناشدة لصاحب السمو الأمير من قبل «مجموعة مبادرة الإصلاح والتوافق الوطني» لردّ مشروع القانون.
ولا شك أن الممارسة الديموقراطية تعطي أعضاء السلطة التشريعية الحق في مراجعة القوانين وإدخال تعديلات عليها وفق قناعاتهم.
من وجهة نظري، إن الموافقة على هذه التعديلات تأتي من ضمن صلاحيات الأعضاء النيابية ولا أرى فيها أي شائبة تستدعي كل ردود الأفعال هذه، وبالأخص مناشدة «مبادرة الإصلاح والتوافق الوطني» والتي أراها قد جانبها الصواب ولم تكن موفقة ،وعلى افتراض تم رد القانون، وتمت الموافقة عليه مرة أخرى بأغلبية الثلثين، سيكون أمرا واقعيا.
ولا شك أن الممارسة الديموقراطية تتطلب القبول بنتائجها وأي اعتراض على أي مشروع بقانون فإن مجال الطعن فيه سيكون أمام المحكمة الدستورية لا إثارة الشارع أو تقديم مناشدات شعبية للقيادة السياسية لكي تتدخل في الممارسة الديموقراطية.
ونافلة القول أن هذا المشروع وان جاء متأخرا يؤكد أهمية الالتزام بالسلوك القويم وان من يتطاول على الذات الإلهية أو النبوية أو الأميرية لا يستحق أن يكون أهلا للتشريع أو يكون له دور في الحياة السياسية، خصوصا أن هناك نصوصا جزائية لمن يتطاول على الذات الإلهية والنبوية بل وحتى آل البيت وكذلك بالنسبة للمقام السامي لصاحب السمو الأمير من أن ذاته مصونة لا تمس وفقا للمادة 54 من الدستور الكويتي الذي ارتضيناه عقدا بين الحاكم والمحكوم.
ولا شك أن ردود الأفعال تجاه هذا التعديل ستستمر إعلاميا، خاصة أننا على مقربة من انتخابات برلمانية جديدة وأتمنى على من يعارض هذا التعديل أن يتوجه إلى المحكمة الدستورية فور إقراره على اعتبار أن ساحة القضاء هي الفيصل في أي اختلاف تشريعي بدلا من الإثارة الإعلامية وإسقاطاتها السلبية على الأمن المجتمعي أو مناشدات على اعتبار أن ما يحدث هو دور تشريعي يجتهد فيه الأعضاء وفق رؤاهم باعتبارهم ممثلين للأمة ولا منازع لهم.
[email protected]