يتميز المجتمع الكويتي دون غيره من المجتمعات العربية والنامية بحرية التعبير وإبداء الرأي، في مختلف وسائل الاتصال حتى الحكومية منها، وان اختلفت الرؤى وتباينت الاتجاهات تجاه القضايا المجتمعية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، كل ذلك في اطار القانون وحدود النقد المباح، واحترام الرأي والرأي المضاد، وبما كفلته المادة 36 من الدستور المتعلقة بحرية التعبير.
وفي خضم المنافسة للانتخابات التشريعية، نجد أن غالبية المرشحين، من نواب سابقين ومرشحين جدد، ومنهم وزراء ومسؤولون كبار سابقون وضباط قادة متقاعدون، يدلون بتصريحاتهم وآرائهم وندواتهم ولقاءاتهم التلفزيونية او حتى ما يكتب بوسائل التواصل الاجتماعي، نجد ان غالبيتها يتعلق بالفساد والمفسدين والقرارات الحكومية وتوجيه اللوم على السلطة التنفيذية في ادائها، في محاولة لكسب الناخبين، ومن النواب السابقين من يركزون على ما قدموه اثناء عضويتهم.
ومن المستغرب ان اكثر كلمة تتداول هي الفساد ومحاربة المفسدين دون ان نعلم كمواطنين من هم المفسدون واين الفساد، نعم نسمع عن فساد مالي واداري، ولكن لا نعرف اين؟! نسمع عن المفسدين ولكن من هم؟! شخصيات سياسية واعلامية واجتماعية، تشير الى شخوص مبهمة للمفسدين ويؤكدون على ذلك، ولكن من هم؟! يكفي المجتمع الكويتي ما يتلقاه من معلومات مبهمة تؤثر عليه، حالها حال الشائعات، ونحن كمواطنين نريد الوضوح، وهنا نقول: من يملك الحق في الكلام تجاه الفساد والمفسدين بالتعريض في الندوات واللقاءات، فإن معنى ذلك انه يعلم عن ذلك، والتساؤل المحق، لماذا لم يتقدم ببلاغ إلى النيابة العامة او الى هيئة مكافحة الفساد؟! ام ان التصريح حول الفساد والمفسدين شماعة لتأليب الناس البسطاء على الحكومة، ولمصالح شخصية؟ ومن هنا نحن نريد الحقائق لا الشائعات، نريد الوضوح والصدق في الطرح، ولنا الحق في اكثر من التساؤل، من بيده ادوات الرقابة والتشريع والمساءلة؟ أليسوا هم اعضاء السلطة التشريعية؟ اين هم مما يطرح ويقال عن الفساد والمفسدين، الا يقرأون ما نقرأ؟ او يسمعون ما يقال في المجتمع؟ أليس ديوان المحاسبة بتابع للسلطة التشريعية؟ ومن هنا فإن من يتحمل كشف الفساد والمفسدين، اولا واخيرا هم اعضاء مجلس الامة وتساهلهم مع السلطة التنفيذية وغض النظر عما تقوم به من تجاوزات حسبما نقرأ، على الرغم مما يملكونه من ادوات دستورية تتيح لهم المراقبة والمحاسبة.
ونافلة القول ان مجرد ذكر كلمتي الفساد والمفسدين مجردة في اي مجتمع راق، له وقع سيئ، لابتعادهما عن الطبيعة البشرية والخلق القويم، اما نحن هنا في الكويت فنسمعهما صباحا ومساء ومن كل الاطياف المجتمعية، ومن المضحك ان نسمع ونقرأ عن الفساد والمفسدين من السلطتين التشريعية والتنفيذية على حد سواء، وهما المعنيتان بمكافحة الفساد ومواجهته، بما تملكانه من ادوات محاسبية وتشريعية وقانونية وادارية، ولكن مازالت هاتان الكلمتان غامضتين لنا على الرغم من تداولهما بكثرة دون ان نعرف من هو المفسد، وكيف وأين أفسد؟! فرحمة بعقولنا التي تشبعت بكلمتي الفساد والمفسدين.
ومن يعرف عن اي صورة من الفساد او فاسد عليه ان يتقدم ببلاغ وهذه صفة الاقوياء وما يمليه عليه حسه الوطني لمواجهته دينا وشرعا وقانونا وانتماء بدلا من الهمز واللمز.. صفة الضعفاء.
[email protected]