[email protected]
منذ ثلاثة عقود مضت، التعليم محور الحديث على الساحة المحلية، الذي ما زال في مرحلة التجارب والاجتهادات دون أن يستقر.. وما لذلك من أثر سلبي على الطلاب وتحصيلهم العلمي، وكل ذلك ناتج عن عدم وجود سياسة تعليمية حكومية تتضمن خططا واضحة المعالم لواقع التعليم واحتياجات سوق العمل.
وعلى الرغم من تقلد مسؤولية وزارة التربية أشخاص أكاديميون خلال فترة العقود الثلاثة الماضية المفترض فيهم أن يكونوا الأقدر على تطوير التعليم، ولكن للأسف لم نجد إلا عدم الاستقرار في النظام التعليمي تارة نظام المقررات، وتارة أخرى نظاما موحدا للثانوية العامة وفي المحصلة النهائية نجد الكل يشتكي من مخرجات التعليم العام. على الرغم من المخصصات المالية الباهظة للتعليم!
ولكي نكون منصفين أكثر لا بد ان نلقي نظرة على السياسة التعليمية بعد الاستقلال ومن تقلد مسؤولية وزارة التعليم وقبلها وزارة المعارف من الأسرة الحاكمة أو أشخاص عاديين ماذا فعلوا للتعليم؟ وضعوا استراتيجية واضحة للسياسة التعليمية تهدف في المقام الأول إلى محو الأمية، وثانيا حاجة سوق العمل، وثالثا رغبة الطالب وهذا يتمثل في الارتقاء النوعي للتعليم المتمثل بالتخصص واعتبار مرحلة ما بعد المتوسطة هي الاختيار ما بين التخصصات فكانت الثانوية التجارية والثانوية الصناعية ومعهد المعلمين إضافة إلى الثانوية العامة، وفعلا نجحت تلك السياسة التعليمية في رسم ملامح التعليم وكانت النتائج مبهرة، حيث من يتخرج من أي من تلك التخصصات المهنية ويرغب في استكمال دراسته ما بعد الثانوية يكون متمكنا لمرحلة التعليم العالي في الكليات أو الجامعات ويبدع في مجال تخصصه العلمي، ومن يرغب في دخول سوق العمل يكون أيضا متسلحا بالمعرفة والعلوم التي اكتسبها وفي مجال اختصاصه وانعكاس ذلك على جودة أداء العمل.
هذه المقارنة السريعة يجب أن يقف عندها الجميع وخاصة أعضاء السلطة التشريعية ومن قبلهم المجلس الأعلى للتخطيط، وأنا متأكد من ان الكل سيشعر بالأسى لما وصلت إليه السياسة التعليمية في وقتنا الحاضر من تدهور وتخبط إلى درجة أن يوصف التعليم بالهرم المقلوب من أحد الوزراء السابقين والذي لم يستطع ولا من أتى من بعده من الوزراء تعديله، وأيضا نشعر بالامتنان والتقدير لمن أرسوا اللبنات الأولى للسياسة التعليمية بعد الاستقلال التي كانت ناجحة بكل المقاييس.
نعم هذا الواقع الذي يجب على وزير التربية د.محمد الفارس أن يبدأ به إن كان فعلا يريد الارتقاء بالتعليم ويخلد اسمه في ذاكرة التاريخ لانتشال التعليم والنهوض به كما فعل. الأوائل.
والبداية وقبل أي تصريحات إعلامية أو تنفيذ أي اقتراحات قائمة على اجتهادات، أن يضع الوزير رؤية واضحة لسياسة تعليمية تقوم على أسس وإجراءات واضحة المعالم وبدونها فالأمور كما هي إن لم تكن أسوأ وهذا مالا نتمناه لا للوزير ولا لأبنائنا.