كان الحدث الأبرز على الساحة المحلية تصريح وزير المالية أنس الصالح وما تبعه من هجوم شخصي عليه تجاه كلمة استدامة وبقاء الكويت الذي فهم من سياق العناوين الرئيسية للمقابلة الصحافية، على انه يقصد الكويت«وجودا»، ولكن حقيقة الأمر وقراءة المقابلة دون اجتزاء فان الموضوع يتمحور في «الشأن المالي للدولة» والقلق من انخفاض الإيرادات العامة للدولة مقابل المصروفات وما يتبع ذلك من وجود عجز مالي يتطلب الاقتراض وإصدار سندات وسحب من الاحتياطي العام للدولة واستنزافه ما لم توجد مصادر اخرى لتغطيته واتخاذ اجراءات تمس المواطن، وهذا مصدر القلق لدى الوزير الصالح.
نعم يحق لأي مواطن كويتي وليس الوزير فقط أن يشعر بالقلق نتيجة زيادة العجز المالي وما قد يترتب على ذلك من اثار سلبية ولكن نستطيع القول انه بمجرد التفكير بالقلق دون ان نعالجه فإنه يعني أننا غير واقعيين تجاه ما يحدث والحذر من وقوع الخطر، كما انه في الوقت نفسه يعتبر حافزا او مفتاحا اساسيا لتحسين الأداء والطريق الصحيح لاتخاذ القرار السليم واستثمار «القلق» بجوانب ايجابية تعتمد على خطط وإجراءات صحيحة.
وعليه فإننا عندما نشعر بأن الأمور خارجة عن إرادتنا دون أن نعالجها نشعر بالقلق وأن القادم أسوأ ويهدد بقاءنا وهذا ما ينطبق على واقعنا الاقتصادي بدءا من الفرد وانتهاء بالدولة.
وليسمح لي الوزير «الصالح» أن أتساءل هل قمت باتخاذ إجراءات ترشيد الانفاق الحكومي والهدر غير المبرر قبل ان تشير الى كلمة القلق؟ هل تعتقد ان الوثيقة الاقتصادية وتوصيات صندوق النقد ستبدد القلق؟
من وجهة نظري لعلاج «قلق الوزير المالي» لا بد من المصداقية في علاج الهدر المالي بإجراءات حكومية تبدأ بها ان كانت صادقة في مواجهة القلق ولا تحتاج الى تشريع ويتمثل في:
١- إلغاء المميزات المالية الباهظة لكبار المسؤولين بالدولة.
٢- إلغاء السفر بالطائرات الخاصة للوزراء وكبار المسؤولين.
٣- إلغاء المؤتمرات التي لا داعي لها وتكليف السفراء والديبلوماسيين بالحضور فيها.
٤- إلغاء المميزات العينية من تأجير السيارات الفارهة لكبار المسؤولين والوقود المجاني.
٥- إلغاء صرف تذاكر الدرجة الاولى لأي مسؤول يغادر لأي مهمة خارجية.
٦- إلغاء ميزانيات الحفلات والبنود الترفيهية والهدايا والورود والبوفيهات.
٧- تقنين دعم العمالة وصرفه لمن يستحقه وليس لمن يتقاضى رواتب كبيرة وهم كثر.
٨- إلغاء العلاوات السنوية لموظفي القطاع العام لفترة مؤقتة.
٩- زيادة رسوم التسجيل العقاري وإلغاء الوكالة العقارية.
١٠- متابعة سراق المال العام داخل البلاد وخارجها.
١١- المكافحة الجادة للفساد المالي والإداري وليس مجرد تقديم إقرارات الذمة المالية.
هذا قليل من كثير معالي الوزير تستطيع الحكومة «مواجهة القلق» وإعطاء جرعة للثقة والاطمئنان بدلا من تكرار كلمة القلق مجردة والتي تضعف المجتمع وتبث فيه روح الخوف من المستقبل، وهذا ما نأمله من الوزير ان يتخذه في القريب العاجل عندها نقول ان القلق هو الحافز لبناء الثقة والطمأنينة.
[email protected]