منذ أيام قليلة مضت عقدت ندوة بعنوان «تردي الأوضاع» شارك فيها عدد من الشخصيات السياسية وهم نواب سابقون بارزون التي حملت راية المعارضة وبحضور قليل، تناولت الأوضاع السياسية والاقتصادية والفساد وغيرها من القضايا الدارجة على الساحة المحلية ومنها إفرازات الصوت الواحد ويتلخص مجمل آراء المتحدثين على ان الإشكالية التي تعيشها البلاد تأتي من نظام الصوت الواحد الذي سهل للحكومة أن تديره حتى اصبح بلا قوة إلى درجة انه لا يوجد مجلس أو سلطات ثلاث. ولا شك أن ما أثير في الندوة يستلزم الوقوف عند عدد من النقاط منها ما يشير إلى أننا نعيش في «دولة مشيخه»، وأقول نعم وبحكم الدستور الذي «وثق» ذلك بنص المادة الرابعة منه على أن «الحكم لذرية مبارك» وقبلها ما «ثبت» بالمعاهدة الكويتية ـ البريطانية عام ١٨٩٩في خضم الأحداث السياسية التي حدثت آنذاك.
وأيضا فصل الدستور اختصاصات السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية لكل منها اختصاصاتها لا تتداخل معها. ولا يخفى أن العملية السياسية في اي دولة لها توازنات خاصة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأي خلل من أعضاء السلطة التشريعية لا يجب أن يلقى على السلطة التنفيذية، بل محاسبة من كسب ثقة الشعب وحاد عن طريق التشريع وعقد مساومات مع السلطة التنفيذية بدلا من محاسبتها ومراقبتها. والأمر الآخر ما أشار إليه المتحدثون عن الصوت الواحد، واقول: فاز العديد من رموز المعارضة والشباب في الانتخابات الأخيرة 2016 بجو ديموقراطي وقال الشعب كلمته آملا أن يكون اداؤهم يعيد المسيرة البرلمانية إلى طريقها الصحيح.. ماذا حصل؟ من نكث بالدور الرقابي لمجلس الامة؟ اليس الاعضاء انفسهم ومنهم رموز المعارضة؟ إذن نقول: إن تكرار القول ان مشكلتنا هي الصوت الواحد قد جانبه الصواب.
والامر الاخر المهم الذي قيل عن قضايا الفساد والعقود ومنها ما أشير اليه من «عقد طائرات اليوروفايتر وما قيل عن مبالغة في قيمته، وكذالك «الموظف الحافي» الذي يملك ملايين!! وأقول بكل تجرد: لماذا لم يتقدم احد من المتحدثين، ان كان يملك من الادلة الدامغة، ببلاغ الي هيئة مكافحة الفساد أو إلى النائب العام بدلا من الإثارة التي لا طائل منها؟.. اليس هذا واجب من يحمل لواء الدفاع عن المال العام؟.. وهنا نستذكر ما قام به من دور مشرف المواطن الكويتي د.فهد الراشد، الذي حمل على عاتقه ملاحقة اختلاسات التأمينات الاجتماعية في الداخل والخارج إلى أن ظهر الحق، حينها تسلمت الحكومة القضية.. هذا هو الدور المفترض ان تقوم به الشخصيات المعارضة في مكافحة الفساد لإضفاء المصداقية عند الحديث عن الفساد، والا فان ندواتها ومؤتمراتها لا تعدو ان تكون اجترارا لقضايا مجتمعية سئم منها المواطن، وخير دليل على ما تفضل به احد المتحدثين بعد القاء كلمته بان «ليس لديه شيء جديد» وهذا ما يفسر انحسار المعارضة شيئا فشيئا لسبب واحد وهو لعدم قراءتها للواقع بصورة واقعية وان تتكيف مع ما هو موجود والا تترك الساحة وان تعمل جاهدة على وضع استراتيجيتها للمرحلة المقبلة.
فهل نرى تحركا بتقديم بلاغ عن قضايا الفساد التي اثيرت ام مجرد كلام قيل ؟!! واقولها بصراحة: الشعب لا يقبل المساس بمقدراته وبالمال العام وكان ابرز مثال لذالك الايداعات المليونية التي كانت واضحة وقال الشعب كلمته..
ومتى كانت الحقائق واضحة للشعب وبالادلة والتقدم ببلاغات جدية امام التعدي على حرمة المال العام، حينها ستجدون من يقف معكم!
[email protected]