مازالت تداعيات اختفاء المحكوم عليهم بما يعرف بخلية العبدلي المتوارين عن الانظار، بعد ان كشفت إحدى الصحف عن هروبهم خارج البلاد بطريقة غير مشروعه، تلقي بظلالها على الساحة المحلية اعلاميا وامنيا وسياسيا. وما تبعه من تصريحات نيابية حول ذلك والمطالبة من بعض النواب بدعوة لعقد جلسة طارئة والبعض الآخر باستجواب وزير الداخلية وبأنه اختراق امني.
وبعد عدة ايام من نشر الخبر، صدر بيان وزارة الداخلية من ان المتهمين لم يخرجوا من المنافذ الرسمية وتعميمها لصور المتهمين في الاماكن العامة، داعية كل من يعرف عنهم للاتصال بالجهات الامنية. ومع التقدير لما تبذله الاجهزة الامنية كافة في تحقيق الامن والامان في ربوع وطننا العزيز، لكن هذا لا يمنع من تسليط الضوء على أي اخفاقات وإبداء الملاحظات عن أي خلل لا لشيء سوى المصلحة العامة التي نسعى جميعا الى تحقيقها بعيدا عن المجاملة بل لتكون عاملا مساعدا للجهات الامنية في الوقوف على أوجه الخلل والارتقاء بالعمل الامني، خاصة ان هذه الحادثة الامنية تعتبر الاختبار الاول المهم لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح منذ تقلده زمام الامور الامنية التي تتطلب منه الحزم في مواجهة ما حدث وانه لا يمر مرور الكرام.. ولاشك في أن تواري المحكوم عليهم عن الأنظار يثير نقاطا عدة يجب التوقف عندها وتتمثل في الآتي:
اولا: بيان وزارة الداخلية ـ للاسف ـ جاء متأخرا شهرا منذ صدور حكم محكمة التمييز وبعد ثلاثة ايام من نشر خبر هروب بعض المتهمين، وفقا لما نشر.
ثانيا: يفترض بالجهات الامنية المختصة متابعة اجراءات المحاكمة بدرجاتها المختلفة ومراقبة المتهمين وخاصة ان الذي قدم المتهمين والادلة «الجهات الامنية» بعد اكتشاف امر الخلية عام ٢٠١٥ واهدافها الاجرامية التي كشفها القضاء.
ثالثا: بعد صدور حكم الاستئناف ببراءة بعض المتهمين وإخلاء سبيلهم، كان يجب على الاجهزة المعنية مراقبتهم كإجراء وقائي، وهذا حق اصيل للجهات الامنية في مراقبة من تراه خطرا على الامن العام، وهم اشخاص قدمت وزارة الداخلية «الأدلة والشهود» بإدانتهم، لحين البت في القضية من محكمة التمييز التي قد تغير حكم البراءة الى إدانة، وهذا ما حدث بالفعل في حكم محكمة التمييز.
رابعا: انتشار الاقاويل والشائعات حول قيام الاجهزة الامنية باقتحام بيوت المتهمين واحتجاز اقاربهم والتوجه لسحب الجناسي كنوع من التهديد لإجبار الفارين من وجه العدالة على تسليم انفسهم، دون ان نسمع تفنيد لتلك الشائعات من قبل وزارة الداخلية، ما ساهم في توجيه سهام الانتقاد لوزارة الداخلية، وهي في وقت بأمس الحاجة الى الدعم والتأييد بعد هروب بعض المتهمين وهذا ما لا نريده ان تكون معالجة التقصير بالتجاوز على القانون.. على اعتبار ان التهمة شخصية ولا تزر وازرة وزر اخرى، وفي الوقت نفسه للأجهزة الامنية المعنية وسائلها في التحريات والمراقبة الامنية.
وكما اسلفنا سابقا فإن الهدف هو النقد البناء، وكل ما نأمله من الشيخ خالد الجراح ان يأمر فورا بـ«تشكيل لجنة امنية» مختصة للوقوف على مسببات هذا الخطأ في العمل الامني وأوجه القصور لتلافيها مستقبلا ومحاسبة أي مقصر إن ثبت عليه التقصير، لتفويت الفرصة على أي كان استغلال ما حدث للنيل مما تقوم به وزارة الداخلية، وعلى الرغم من ذلك الخطأ الامني الا اننا مدركون في الوقت نفسه أن اي متهم متوار عن الانظار سيتم إلقاء القبض عليه عاجلا أو اجلا، وان الهروب من وجه العدالة لن يطول. [email protected]