لم يعد الوقت الآن في الساحة المحلية يسمح بمزيد من الانفلات الإعلامي سواء من التصريحات النيابية او الكتاب او من الناشطين السياسيين وحتى المغردين، في التركيز على قضية خلية العبدلي، والتي طغت على مجمل القضايا المحلية والتي أخذت أبعادا للأسف تحمل نفسا طائفيا تجاه مكون رئيسي في المجتمع الكويتي بحجة الدفاع عن الجبهة الداخلية، والتي هي في امس الحاجة الآن إلى التماسك من أي وقت مضى..
ولا شك أن أي قضية أمنية كبيرة كما هي خلية العبدلي، تستحوذ على اهتمام العامة ولكن ليس معنى ذلك استغلالها لنشر الطائفية البغيضة التي تهدم أسس وبنيان المجتمع الذي يجب على الجميع العمل على تفويت الفرصة لمن ينفث في الإطار الطائفي لتحقيق أهداف ومآرب خاصة. نعم نحن نعيش في مجتمعنا الكويتي لا فرق بين أبناء الطوائف منذ نشأته، وكفل الدستور الذي ارتضيناه حرية المعتقد بحرية مطلقة في صورة ناصعة لا احد يتدخل فيها، ولكن للأسف منذ عدة عقود مضت يريد البعض غرس بذور الانقسام المجتمعي بين أبناء المجتمع الكويتي وتقسيمه إلى طوائف ووصل الأمر إلى الذروة خلال السنوات القليلة الماضية حتى اصبح واقعا نتلمسه ونعيشه في حياتنا اليومية وفي الإعلام. وعلى الرغم من التقدم العلمي ما زلنا للأسف نمارس «سلوكيات اقرب إلى الجاهلية» وهنا لا نستثني طائفة دون أخرى فالغالبية تعمل بقصد او دون قصد إلى التعرض لمكونات رئيسية في المجتمع دون أي مبالاة للوحدة الوطنية التي نتغنى بها ليل نهار وكأن النفوس تريد «حدثا معينا» لتبوح بما يكن في الصدور من كراهية تجاه طرف آخر، واسترجاع الاحداث السابقة وإعادتها إلى الأضواء مع ما يحدث الآن، دون ان نرى تحركا حكوميا في مواجهة من يثير الطائفية حتى اصبحت عبارات «انا طائفي» دارجة في الإعلام والتغريدات بوسائل الاتصال الاجتماعي.
نعم في الكويت طوائف ولكن هناك أسمى وأجل منها وهي اننا سواسية لا احد يعلو على الآخر او انه افضل الا بما يقدمه من عمل من اجل الوطن الغالي. ولا يخفى ان من يسعى إلى نشر الطائفية تعلمها من البيئة المحيطة به مما يولد شعورا سلبيا تجاه الآخر وينشر الكراهية والحقد نحن في غنى عنها. والآن يجب على الحكومة أولا ان تعي دورها وتمارس صلاحياتها في الوقوف أمام تلك الممارسات للحفاظ على السلم المجتمعي، وكذلك أعضاء مجلس الأمة ان يكونوا قدوة كممثلين للمجتمع الكويتي وليس لطائفة معينة وتفضيل مصلحة الكويت العليا على أي من المصالح الشخصية والطائفية التي تهدم ولا تبني..
نعم علينا جميعا ان ننظر إلى المستقبل بنظرة ايجابية وان نترك «وراء ظهورنا» قضية فصل القضاء بها وان تترك الأمور إلى الجهات الأمنية تحت اشراف الشيخ خالد الجراح وزير الداخلية الذي لن يهدأ له بال وكذلك القيادات الأمنية، حتى يتم الكشف عن مصير الهاربين من وجه العدالة على اعتبار ان ما حدث أمر أمني لا يمكن التساهل به ولاتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار المجتمع. وان نعمل من الآن على بناء مجتمعنا موحدا لا مجال للطائفية فيه وهذا يبدأ من الأسرة أولا وان اخلت بمسؤولياتها فالدولة بقوانينها تفرض هيبتها لمن يريد تقويض السلم الاجتماعي.
[email protected]