كثر الحديث خلال الآونة الاخيرة عن اهمية معالجة التركيبة السكانية في البلاد وتعالت الاصوات في وسائل التواصل الاجتماعي بان الكويتيين اصبحوا اقلية في بلادهم، وهذا هو المستغرب لأنه منذ ظهور النفط وبعده لعقود، اصبح المجتمع الكويتي جاذبا للوافدين من مختلف الجنسيات والتخصصات لتلبية احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية.
كما ان المشرع الكويتي قد أعطى المواطن الكويتي سواء فردا او صاحب مؤسسة، الحق في جلب العمالة ايا كانت وبمعنى آخر كفيلا للوافد.
من هنا والمنطق وكلمة الحق فان تعليق مشكلة التركيبة السكانية وإلقاء مسؤوليتها على الوافد هي شماعة للهروب من صلب المشكلة الحقيقي وهو الكويتي فردا كان او مؤسسة، أليس ذلك هو الواقع؟! لقد اعطت وزارة الداخلية الحق لكل صاحب اسرة وفق عدد أفرادها أن يجلب خدما بحد أقصى اربعة خدم لتلبية احتياجاته، وشيء طبيعي ان تكون اعداد الخدم بالكويت بالأعداد الهائلة لأن الأسرة اصبحت تعتمد اعتمادا كليا عليهم وخاصة السائق والخادمة لغياب الوسائل الأخرى كالنقل الجماعي المتطور او شركات العمالة التي توفر عمالة بفترات متقطعة.
وكذلك تقدير الاحتياج للعمالة الذي تضعه وزارة الشؤون سابقا والآن هيئة القوى العاملة لبقية القطاعات التجارية والصناعية والزراعية التي تتطلب عمالة ماهرة وهامشية ايضا لكي تؤدي عملها نظرا لغياب العنصر البشري الكويتي، أولا لقلة عدد السكان حيث ان نصفهم طلاب المراحل التعليمية المختلفة، وثانيا بفضل من الله، عز وجل، يتمتع الكويتي بدرجات عالية من التعليم والعيش الرغيد الذي يجعله لا يقبل على المهن الهامشية وهذا شيء طبيعي.
وما صاحب ذلك للاسف من استغلال هذا الحق حتى اصبحت وسيلة لكسب الرزق وتركهم في الشارع كعمالة سائبة سببها الكفيل الكويتي! وما ان تشرع الجهات الحكومية في وضع ضوابط لاستقدام العمالة حتى ترتفع الاصوات بحاجة سوق العمل لعمالة والا الاقتصاد الكويتي سيواجه أزمة عمالة في كل القطاعات الصناعية والزراعية وحتى الاهلية! من هنا فان معالجة الخلل في التركيبة السكانية يجب ان يكون على أسس مدروسة ودراسات علمية والتي اعتقد وجودها بكثرة ولكن لم يتم تفعيل توصياتها لان موضوع التركيبة السكانية اشبع دراسة منذ عقود مضت، ولكن هي السياسة الحكومية ولا غيرها التي لا تريد تفعيل التوصيات، ولا وجود للرغبة الحقيقية في ذلك، ولعل ابسط مثال لذلك هو الاعداد الكبيرة للوافدين في الوزارات الحكومية في أعمال ادارية يمكن وبكل سهولة ادارتها بعمالة وطنية، وما طرح من قبل ديوان الخدمة المدنية من تكويت الوظائف في الكثير من المهن خلال الفترة القادمة! اذن معالجة الخلل في التركيبة السكانية يجب ان يكون وفق رؤية واقعية تحاكي الواقع الكويتي، وقبل ذلك نية صادقة بوضع خطة مدروسة قابلة للتطبيق وفق توقيت زمني بعيدا عن التجني على وزيرة الشؤون هند الصبيح واستغلال التركيبة السكانية للنيل منها والتي نأمل ألا تكون لأسباب شخصية.
[email protected]