انشغل العالم وخصوصا العربي والإسلامي بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثل في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب العاصمة الإسرائيلية الحالية إلى القدس خلال الفترة القادمة، حيث خرجت المظاهرات في العواصم العربية والإسلامية والأوروبية وحتى العاصمة الأميركية المنددة بالإعلان الأميركي الذي يخالف القرارات الأممية.
ودعت الجامعة العربية لاجتماع طارئ بشجب القرار الأميركي وأصدرت بيانا يستنكر ويدين هذا القرار، وكذلك دعت تركيا لعقد قمة على مستوى قادة العالم الإسلامي وأيضا الدعوات المختلفة للمقاطعة! كل هذه التحركات لم تخرج عن الكلمات المتعارف عليها التي مللنا من سماعها في المؤتمرات والاجتماعات والمظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية حتى نستطيع القول بأننا للأسف «أمة النون» ككناية للكلمات «نستنكر، ندين، ونشجب»، نعم هذا هو واقع الحال الذي نعيشه مادام ليس العالم العربي فحسب بل العالم الإسلامي المعني بالدرجة الأولى بهذه القضية، في تفككه وتمزقه وانشغاله بهمومه، كما أن الواقع السياسي والعسكري القوي هو الذي يفرض نفسه على الساحة وهو ما تملكه إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية وهو الواقع الذي يجب أن تعيه الشعوب العربية الممزقة والمفترقة فيما بينها والمشغولة بالطائفية والقبلية بأن ما حصل شيء طبيعي لما تعيشه الأمة العربية والإسلامية من ضعف ومهانة، وان ما حصل في القدس الشريف ليس وليد الساعة بل على امتداد التاريخ الذي يشهد كل موقع بالمدينة المقدسة جولات السيطرة المختلفة عليها عبر العصور المختلفة وتعاقب عليها الفراعنة واليونانيون والفرس والرومانيون وغيرهم والمسلمون والصليبوون واليهود وآخرها الخلافة العثمانية، إلا أن سيطرت عليها بريطانيا بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالميه الاولى ومن ثم سيطرة العصابات اليهودية عليها عام 1948 وبسطت سيطرتها على الجزء الغربي وأكملت احتلال الجزء الشرقي بحرب ١٩٦٧.
هذه النبذة التاريخية وفقا للمصادر التاريخية، تؤكد ان ما مرت به هده المدينة المقدسة للديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية، لم تستقر على حال وان السيطرة عليها كان سجالا بين القوى المختلفة، وان القوي هو الذي يفرض سيطرته عليها.
ومن واقع الحال العربي للأسف ومنذ اكثر من سبعة عقود مازلنا في مرحلة الشجب والتنديد والاستنكار لأي حدث ولعل اشهرها حريق المسجد الاقصى عام ١٩٦٩.
ولم تبق لنا سوى بارقة أمل في جموع المرابطين من أبناء فلسطين الحبيبة الذين يضحون بدمائهم الزكية تراب القدس رفضا للاحتلال وما عليهم إلا الاعتماد على النفس، مقابل آلة عسكرية ضخمة للعدو الصهيوني.
نعم ان فقدان القدس الآن مرحلة إلى أن يقضي الله عز وجل أمره بالدخول إليها، وإلى ذلك الوقت ستتكرر على مسامعنا كلمات الاستنكار والتنديد والشجب من العالم دون استثناء التي لن تغير من الواقع شيئا، اللهم مزيدا من التطرف والإرهاب في أنحاء المعمورة ردا على هذا القرار.
[email protected]