مازالت أصداء حكم محكمة الاستئناف الخاص بسجن عدد كبير من المتهمين بقضية اقتحام المجلس، تلقي بظلالها على تصريحات النواب وعلى العديد من النشطاء السياسيين وجمعية حقوق الإنسان، وللأسف انتقادهم للحكم والتبريرات التي تثار لقضية اقتحام المجلس، وكذلك الدعوة النيابية لعقد جلسة خاصة للمصالحة الوطنية والعفو العام وتقليصها الى تخصيص جزء من جلسة مجلس الأمة القادمة لهذا الغرض واختلاف وجهات نظر العديد من النواب، فمنهم من يطالب بعفو شامل والبعض الآخر عفو خاص! نود بداية الاشارة الى اننا أمام حكم محكمة يتطلب منا احترامه كما احترمه الكثير من المدانين ومنهم نواب بتسليم أنفسهم تنفيذا للحكم، ولعل أوضح صورة عندما صدر حكم درجة أولى ببراءة المدانين بالقضية وعلت عبارات التقدير للحكم وان قضاءنا عادل، وعندما صدر حكم الاستئناف تغيرت الآراء بنقد الحكم، أقولها نعم قضاؤنا عادل سواء صدر الحكم لما نهواه أو عكس ذلك وهذا ما يجب التعويل عليه وعدم التعرض للقضاء لأنه الملاذ الأول بعد الله عز وجل، الضامن للحقوق سواء صدر الحكم لصالح أو ضد ما يتمناه أي طرف، وبعيدا عن الظروف التي أدت إلى اقتحام المجلس آنذاك ولكنه بنظر محكمة الاستئناف «جرم» يستحق العقاب، وما زال أمام المدانين محكمة التمييز وتقديم طعونهم القانونية المضادة لحكم الاستئناف للفصل في القضية، فكيف يطالب العديد من النواب بإصدار عفو والقضية منظورة أمام القضاء ألا يعد ذلك تجاوزا؟! كما ان هناك نقطة مهمة جديرة بالاشارة اليها وهي هل المطالبات بالعفو تأتي بالفرض؟ لننظر الى المادة ٧٥ التي تنص: «للأمير ان يعفو بمرسوم عن العقوبة أو ان يخفضها..... » يتضح بصورة لا تدع للشك ان من بيده العفو هو صاحب السمو الأمير المفدي لا احدا غيره وأي تجاوز لتلك المادة هو تعدٍ صريح لما قرره الدستور من صلاحيات العفو واسنادها بيد الأمير المفدى، وهذا ما يجب ان يعيه النواب الأفاضل المطالبون بالعفو، وهم المشرعون بألا يتجاوزوا على الدستور، وان «العفو يطلب ولا يفرض» وهو ما يفترض ان يقوم به ذوو المدانين بعد استنفاد درجات التقاضي وتقديم عرائض العفو.
ووفقا لما نصت عليه أيضا المادة السابقة فقد أشارت إلى «.. أما العفو الشامل فلا يكون الا بقانون وذلك عن الجرائم المقترفة قبل اقتراح العفو»، وهذا الأمر هو محل اختلاف الأعضاء أنفسهم فمنهم من يطالب بعفو شامل والبعض الآخر باقتصار العفو على المدانيين في اقتحام المجلس وقضايا الرأي وكأننا نفصل العفو الشامل حسب الاهواء مما ينعكس سلبا على أمن واستقرار المجتمع والنسيج الاجتماعي بانحراف المطالبات بالعفو الشامل عن سمو المقصد له، الى الانجرار وراء الطرح الطائفي، مما يؤثر سلبا على الدعوة للعفو عن المدانيين ولنقولها بصراحة ان الأسلوب الذي يتبعه بعص النواب حاليا لا يخدم قضية المدانين لافتقادهم الأسس التي يقوم عليها تحركهم الشعبي والسياسي وكأنها متاجرة بقضيتهم وابراء للذمة، كما ان الوقفات التضامنية لذوي المدانيين المتعددة وما فيها من كلمات وبيانات متكررة، قد تحسب على قائلها وتعرضه للمساءلة القانونية وهي لن تجدي نفعا والقضية معروضة على القضاء والتي نأمل ان تنهي محنة ذويهم.
[email protected]